للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطاعات قادر عليه.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٩٦ الى ١٩٧]

لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧)

لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمراد أمته، أو تثبيته على ما كان عليه كقوله فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ أو لكل أحد، والنهي في المعنى للمخاطب وإنما جعل للتقلب تنزيلاً للسبب منزلة المسبب للمبالغة، والمعنى لا تنظر إلى ما الكفرة عليه من السعة والحظ، ولا تغتر بظاهر ما ترى من تبسطهم في مكاسبهم ومتاجرهم ومزارعهم.

روي (أن بعض المؤمنين كانوا يرون المشركين في رخاء ولين عيش فيقولون: إن أعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد) فنزلت

. مَتاعٌ قَلِيلٌ خبر مبتدأ محذوف، أي ذلك التقلب متاع قليل لقصر مدته في جنب ما أعد الله للمؤمنين.

قال عليه الصلاة والسلام «ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع»

. ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ أي ما مهدوا لأنفسهم.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩٨]]

لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨)

لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ النزل والنزل:

ما يعد للنازل من طعام وشراب وصلة، قال أبو الشعر الضبي:

وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهفات له نزلا

وانتصابه على الحال من جنات والعامل فيها الظرف، وقيل: إنه مصدر مؤكد، والتقدير: أنزلوها نزلا وَما عِنْدَ اللَّهِ لكثرته ودوامه خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ مما يتقلب فيه الفجار لقلته وسرعة زواله.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩٩]]

وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩)

وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه. وقيل في أربعين من نجران واثنين وثلاثين من الحبشة وثمانية من الروم كانوا نصارى فأسلموا. وقيل في أصحمة النجاشي لما نعاه جبريل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخرج فصلى عليه فقال المنافقون انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط. وإنما دخلت اللام على الاسم للفصل بينه وبين إن بالظرف. وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من القرآن. وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من الكتابين. خاشِعِينَ لِلَّهِ حال من فاعل يؤمن وجمعه باعتبار المعنى لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا كما يفعله المحرفون من أحبارهم. أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ما خص بهم من الأجر ووعده في قوله تعالى: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لعلمه بالأعمال وما يستوجبه من الجزاء واستغنائه عن التأمل والاحتياط، والمراد أن الأجر الموعود سريع الوصول فإن سرعة الحساب تستدعي سرعة الجزاء.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٠٠]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا على مشاق الطاعات وما يصيبكم من الشدائد. وَصابِرُوا وغالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب وأعدى عدوكم في الصبر على مخالفة الهوى، وتخصيصه بعد الأمر بالصبر

<<  <  ج: ص:  >  >>