للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلِكَ إشارة إلى ما حل بهم. بِأَنَّ اللَّهَ بسبب أن الله. لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ مبدلاً إياها بالنقمة. حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ يبدلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوأ، كتغيير قريش حالهم في صلة الرحم والكف عن تعرض الآيات والرسل بمعاداة الرسول عليه السلام ومن تبعه منهم، والسعي في إراقة دمائهم والتكذيب بالآيات والاستهزاء بها إلى غير ذلك مما أحدثوه بعد المبعث، وليس السبب عدم تغيير الله ما أنعم عليهم حتى يغيروا حالهم بل ما هو المفهوم له وهو جري عادته على تغييره متى يغيروا حالهم، وأصل يك يكون فحذفت الحركة للجزم ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم النون لشبهه بالحروف اللينة تخفيفاً.

وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لما يقولون. عَلِيمٌ بما يفعلون.

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ تكرير للتأكيد ولما نيط به من الدلالة على كفران النعم بقوله: بِآياتِ رَبِّهِمْ وبيان ما أخذ به آل فرعون. وقيل الأول لتشبيه الكفر والأخذ به والثاني لتشبيه التغيير في النعمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم. وَكُلٌّ من الفرق المكذبة، أو من غرقى القبط وقتلى قريش. كانُوا ظالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦)

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا أصروا على الكفر ورسخوا فيه. فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ فلا يتوقع منهم إيمان، ولعله إخبار عن قوم مطبوعين على الكفر بأنهم لا يؤمنون، والفاء للعطف والتنبيه على أن تحقق المعطوف عليه يستدعي تحقق المعطوف، وقوله: الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ بدل من الذين كفروا بدل البعض للبيان والتخصيص، وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن لا يمالئوا عليه فأعانوا المشركين بالسلاح وقالوا: نسينا ثم عاهدهم فنكثوا ومالؤوهم عليه يوم الخندق، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم. ومن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ والمراد بالمرة مرة المعاهدة أو المحاربة.

وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ سبة الغدر ومغبته، أو لا يتقون الله فيه أو نصره للمؤمنين وتسليطه إياهم عليهم.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٥٧ الى ٥٨]

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨)

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فإما تصادفنهم وتظفرن بهم، فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ ففرق عن مناصبتك ونكل عنها بقتلهم والنكاية فيهم مَنْ خَلْفَهُمْ من وراءهم من الكفرة والتشريد تفريق على اضطراب. وقرئ «فشرذ» بالذال المعجمة وكأنه مقلوب شذر ومَنْ خَلْفَهُمْ، والمعنى واحد فإنه إذا شرد من وراءهم فقد فعل التشريد في الوراء. لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ لعل المشردين يتعظون.

وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ معاهدين. خِيانَةً نقض عهد بأمارات تلوح لك. فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ فاطرح إلَيْهِمْ عهدهم. عَلى سَواءٍ على عدل وطريق قصد في العداوة ولا تناجزهم الحرب فإنه يكون خيانة منك، أو على سواء في الخوف أو العلم بنقض العهد وهو في موضع الحال من النابذ على الوجه الأول أي ثابتاً على طريق سوي أو منه أو من المنبوذ إليهم أو منهما على غيره، وقوله: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخائِنِينَ تعليل للأمر بالنبذ والنهي عن مناجزة القتال المدلول عليه بالحال على طريقة الاستئناف.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٥٩]]

وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩)

وَلاَ تَحْسَبَنَّ خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وقوله: الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا مفعولاه وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص

<<  <  ج: ص:  >  >>