يزكو عنده ولا يبارك فيه، وقرأ نافع ويعقوب لتربو أي لتزيدوا أو لتصيروا ذوي ربا. وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ تبتغون به وجهه خالصاً فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ذوو الأضعاف من الثواب ونظير المضعف المقوي والموسر لذي القوة واليسار، أو الذين ضعفوا ثوابهم وأموالهم ببركة الزكاة، وقرئ بفتح العين وتغييره عن سنن المقابلة عبارة ونظماً للمبالغة، والالتفات فيه للتعظيم كأنه خاطب به الملائكة وخواص الخلق تعريفاً لحالهم، أو للتعميم كأنه قال: فمن فعل ذلك فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ، والراجع منه محذوف إن جعلت مَا موصولة تقديره المضعفون به، أو فَمُؤْتُوه أولئك هم المضعفون.
[[سورة الروم (٣٠) : آية ٤٠]]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ أثبت له لوازم الألوهية ونفاها رأساً عما اتخذوه شركاء له من الأصنام وغيرها مؤكداً بالإنكار على ما دل عليه البرهان والعيان ووقع عليه الوفاق، ثم استنتج من ذلك تقدسه عن أن يكون له شركاء فقال: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ويجوز أن تكون الكلمة الموصولة صفة والخبر هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ والرابط مِنْ ذلِكُمْ لأنه بمعنى من أفعاله، ومِنْ الأولى والثانية تفيد أن شيوع الحكم في جنس الشركاء والأفعال والثالثة مزيدة لتعميم المنفي وكل منها مستقلة بتأكيد لتعجيز الشركاء، وقرأ حمزة والكسائي بالتاء.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢)
ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كالجدب والموتان وكثرة الحرق والغرق وإخفاق الغاصة ومحق البركات وكثرة المضار، أو الضلالة والظلم. وقيل المراد بالبحر قرى السواحل وقرئ و «البحور» . بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ بشؤم معاصيهم أو بكسبهم إياه، وقيل ظهر الفساد فى البر بقتل قابيل أخاه وفي البحر بأن جلندا ملك عمان كان يأخذ كل سفينة غصباً. لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا بعض جزائه فإن تمامه في الآخرة واللام للعلة أو للعاقبة. وعن ابن كثير ويعقوب لِنُذِيقَهُمْ بالنون. لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه.
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ لتشاهدوا مصداق ذلك وتتحققوا صدقه.
كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ استئناف للدلالة على أن سوء عاقبتهم كان لفشو الشرك وغلبته فيهم، أو كان الشرك في أكثرهم وما دونه من المعاصي في قليل منهم.
[[سورة الروم (٣٠) : آية ٤٣]]
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣)
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ البليغ الاستقامة. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ لا يقدر أن يرده أحد، وقوله: مِنَ اللَّهِ متعلق ب يَأْتِيَ، ويجوز أن يتعلق ب مَرَدَّ لأنه مصدر على معنى لا يرده الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئه. يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ يتصدعون أي يتفرقون فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ كما قال
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥)
مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي وباله وهو النار المؤبدة. وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ يسوون منزلاً في الجنة، وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص.