عليه ما يريده. حَكِيمٌ يضع الأشياء مواضعها.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٧٢]]
وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)
وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً تستطيبها النفس أو يطيب فيها العيش
وفي الحديث أنها قصور من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت الأحمر.
فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ إقامة وخلود.
وعنه عليه الصلاة والسلام عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيون والصديقون والشهداء يقول الله تعالى: طوبى لمن دخلك.
ومرجع العطف فيها يحتمل أن يكون إلى تعدد الموعود لكل واحد أو للجميع على سبيل التوزيع، أو إلى تغاير وصفه فكأنه وصفه أولاً بأنه من جنس ما هو أبهى الأماكن التي يعرفونها لتميل إليه طباعهم أول ما يقرع أسماعهم، ثم وصفه بأنه محفوف بطيب العيش معرى عن شوائب الكدورات التي لا تخلو عن شيء منها أماكن الدنيا وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، ثم وصفه بأنه دار إقامة وثبات في جوار عليين لا يعتريهم فيها فناء ولا تغير، ثم وعدهم بما هو أكبر من ذلك فقال: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ لأنه المبدأ لكل سعادة وكرامة والمؤدي إلى نيل الوصول والفوز باللقاء،
وعنه صلّى الله عليه وسلّم: إن الله تعالى يقول لأهل الجنة هل رضيتم فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: وأي شيء من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً.
ذلِكَ أي الرضوان أو جميع ما تقدم. هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي تستحقر دونه الدنيا وما فيها.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف. وَالْمُنافِقِينَ بإلزام الحجة وإقامة الحدود. وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ في ذلك ولا تحابهم. وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصيرهم.
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا
روي أنه صلّى الله عليه وسلّم أقام في غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن ويعيب المتخلفين فقال الجلاس بن سويد: لئن كان ما يقول محمد لإخواننا حقاً لنحن شر من الحمير، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستحضره فحلف بالله ما قاله فنزلت فتاب الجلاس وحسنت توبته.
وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وأظهروا الكفر بعد إظهار الإِسلام. وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا من فتك الرسول، وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوك أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذ تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال إليكم إليكم يا أعداء الله فهربوا، أو إخراجه وإخراج المؤمنين من المدينة أو بأن يتوجوا عبد الله بن أبي وإن لم يرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وَما نَقَمُوا وما أنكروا أو ما وجدوا ما يورث نقمتهم. إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فإن أكثر أهل المدينة كانوا محاويج في ضنك من العيش، فلما قدمهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أثروا بالغنائم وقتل للجلاس مولى فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بديته اثني عشر ألفاً فاستغنى. والاستثناء مفرغ من أعم المفاعيل أو العلل. فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وهو الذي حمل الجلاس على التوبة والضمير في يَكُ