موضع فتنة. لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ من كيدهم ومن شؤم مشاهدتهم، وفي تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على أن الداعي ينبغي له أن يتوكل أولا لتجاب دعوته.
[[سورة يونس (١٠) : آية ٨٧]]
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا أي اتخذا مباءة. لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً تسكنون فيها أو ترجعون إليها للعبادة. وَاجْعَلُوا أنتما وقومكما. بُيُوتَكُمْ تلك البيوت. قِبْلَةً مصلى وقيل مساجد متوجهة نحو القبلة يعني الكعبة، وكان موسى صلّى الله عليه وسلّم يصلي إليها. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فيها، أمروا بذلك أول أمرهم لئلا يظهر عليهم الكفرة فيؤذوهم ويفتنوهم عن دينهم. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بالنصرة في الدنيا والجنة في العقبى، وإنما ثنى الضمير أولاً لأن التبوأ للقوم واتخاذ المعابد مما يتعاطاه رؤوس القوم بتشاور، ثم جمع لأن جعل البيوت مساجد والصلاة فيها مما ينبغي أن يفعله كل أحد، ثم وحد لأن البشارة في الأصل وظيفة صاحب الشريعة.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٨٨ الى ٨٩]
وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩)
وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً ما يتزين به من الملابس والمراكب ونحوهما. وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وأنواعاً من المال. رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ دعاء عليهم بلفظ الأمر بما علم من ممارسة أحوالهم أنه لا يكون غيره كقولك: لعن الله إبليس. وقيل اللام للعاقبة وهي متعلقة ب آتَيْتَ ويحتمل أن تكون للعلة لأن إيتاء النعم على الكفر استدراج وتثبيت على الضلال، ولأنهم لما جعلوها سبباً للضلال فكأنهم أوتوها ليضلوا فيكون رَبَّنا تكريراً للأول تأكيداً وتنبيهاً على أن المقصود عرض ضلالهم وكفرانهم تقدمة لقوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ أي أهلكها، والطمس المحق وقرئ اطْمِسْ بالضم. وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ أي واقسها اطبع عليها حتى لا تنشرح للإيمان. فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ جواب للدعاء أو دعاء بلفظ النهي، أو عطف على لِيُضِلُّوا وما بينهم دعاء معترض.
قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما يعني موسى وهارون لأنه كان يؤمن. فَاسْتَقِيما فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة وإلزام الحجة، ولا تستعجلا فإن ما طلبتما كائن ولكن في وقته.
روي: أنه مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة.
وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ طريق الجهلة في الاستعجال أو عدم الوثوق والاطمئنان بوعد الله تعالى، وعن ابن عامر برواية ابن ذكوان وَلا تَتَّبِعانِّ بالنون الخفيفة وكسرها لالتقاء الساكنين، وَلا تَتَّبِعانِّ من تبع وَلا تَتَّبِعانِّ أيضا.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٩٠ الى ٩١]
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ أي جوزناهم في البحر حتى بلغوا الشط حافظين لهم، وقرئ «جوزنا» وهو من فعل المرادف لفاعل كضعف وضاعف. فَأَتْبَعَهُمْ فأدركهم يقال تبعته حتى أتبعته. فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ