وقال خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك.
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١٣ الى ١٤]
مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤)
مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ حال من هم في جَزاهُمْ أو صفة ل جَنَّةً. لاَ يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً يحتملهما وأن يكون حالاً من المستكن في مُتَّكِئِينَ، والمعنى أنه يمر عليهم فيها هواء معتدل لا حار محم ولا بارد مؤذ، وقيل الزمهرير القمر في لغة طيئ قال راجزهم:
وَلَيْلَةٌ ظَلاَمُهَا قَدِ اعْتَكَر ... قَطَعْتُهَا وَالزَّمْهَرِيرُ مَا زَهَرْ
والمعنى أن هواءها مضيء بذاته لا يحتاج إلى شمس وقمر.
وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها حال أو صفة أخرى معطوفة على ما قبلها، أو عطف على جَنَّةً أي وجنة أخرى دانية على أنهم وعدوا جنتين كقوله: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ وقرئت بالرفع على أنها خبر ظِلالُها والجملة حال أو صفة. وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا معطوف على ما قبله أو حال من دانية، وتذليل القطوف ان تجعل سهلة التناول لا تمتنع على قطافها كيف شاؤوا.
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١٥ الى ١٨]
وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨)
وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ وأباريق بلا عروة. كانَتْ قَوارِيرَا.
قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ أي تكونت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة ولينها، وقد نون وارِيرَ
من نون «سلاسلاً» وابن كثير الأولى لأنها رأس الآية، وقرئ «قَوارِيرَ مِن فِضَّةٍ» على هي «قَوارِيرَ» .
قَدَّرُوها تَقْدِيراً أي قدروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنوه، أو قدروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها، أو قدر الطائفون بها المدلول عليهم بقوله يطاف شرابها على قدر اشتهائهم، وقرئ «قَدَّرُوهَا» أي جعلوا قادرين لها كما شاؤوا من قدر منقولاً من قدرت الشيء.
وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا ما يشبه الزنجبيل في الطعم وكانت العرب يستلذون الشراب الممزوج به عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا لسلاسة انحدارها في الحلق وسهولة مساغها، يقال شراب سلسل وسلسال وسلسبيل، ولذلك حكم بزيادة الباء والمراد به أن ينفي عنها لذع الزنجبيل ويصفها بنقيضه، وقيل أصله سل سبيلا فسميت به كتأبط شراً لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلاً بالعمل الصالح.
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ دائمون. إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً من صفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم وانعكاس شعاع بعضهم إلى بعض.
وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر لأنه عام معناه أن بصرك أينما وقع. رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً واسعاً،
وفي الحديث «أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه»
هذا وللعارف أكبر من ذلك وهو أن تنتقش نفسه بجلايا الملك وخفايا الملكوت، فيستضيء بأنوار قدس الجبروت.