لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أي إن تخلف هؤلاء ولم يجاهدوا فقد جاهد من هو خير منهم. وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ منافع الدارين النصر والغنيمة في الدنيا والجنة والكرامة في الآخرة. وقيل الحور لقوله تعالى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ وهي جمع خيرة تخفيف خيرة. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالمطالب.
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ بيان لما لهم من الخيرات الأخروية.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٩٠]]
وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠)
وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ يعني أسداً وغطفان استأذنوا في التخلف معتذرين بالجهد وكثرة العيال. وقيل هم رهط عامر بن الطفيل قالوا إن غزونا معك أغارت طيئ على أهالينا ومواشينا.
والمعذر إما من عذر في الأمر إذا قصر فيه موهماً أن له عذراً ولا عذر له، أو من اعتذر إذا مهد العذر بإدغام التاء في الذال ونقل حركتها إلى العين، ويجوز كسر العين لالتقاء الساكنين وضمها للاتباع لكن لم يقرأ بهما.
وقرأ يعقوب الْمُعَذِّرُونَ من أعذر إذا اجتهد في العذر. وقرئ «المعذرون» بتشديد العين والذال على أنه من تعذر بمعنى اعتذر وهو لحن إذ التاء لا تدغم في العين، وقد اختلف في أنهم كانوا معتذرين بالتصنع أو بالصحة فيكون قوله: وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في غيرهم وهم منافقو الأعراب كذبوا الله ورسوله في إدعاء الإِيمان وإن كانوا هم الأولين فكذبهم بالاعتذار. سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ من الأعراب أو من المعذرين فإن منهم من اعتذر لكسله لا لكفره عَذابٌ أَلِيمٌ بالقتل والنار.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٩١ الى ٩٢]
لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (٩٢)
لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى كالهرمى والزمنى. وَلا عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ لفقرهم كجهينة ومزينة وبني عذرة. حَرَجٌ إثمٌ في التأخر. إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ بالإِيمان والطاعة في السر والعلانية كما يفعل الموالي الناصح، أو بما قدروا عليه فعلاً أو قولاً يعود على الإِسلام والمسلمين بالصلاح مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ أي ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل وإنما وضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على أنهم منخرطون في سلك المحسنين غير معاتبين لذلك. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لهم أو للمسيء فكيف للمحسن.
وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ عطف على الضُّعَفاءِ أو على الْمُحْسِنِينَ،
وهم البكاؤون سبعة من الأنصار: معقل بن يسار وصخر بن خنساء وعبد الله بن كعب وسالم بن عمير وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن مغفل وعلية بن زيد، أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقالوا: قد نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغز معك، فقال عليه السلام: «لا أجد ما أحملكم عليه» فتولوا وهم يبكون.
وقيل هم بنو مقرن: معقل وسويد والنعمان. وقيل أبو موسى وأصحابه. قُلْتَ لاَ أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ حال من الكاف في أَتَوْكَ بإضمار قد. تَوَلَّوْا جواب إذا. وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ تسيل. مِنَ الدَّمْعِ أي دمعاً فإن من