للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ منكرين عليها فإِن خوارق العادات باعتبار أهل بيت النبوة ومهبط المعجزات، وتخصيصهم بمزيد النعم والكرامات ليس ببدع ولا حقيق بأن يستغربه عاقل فضلاً عمن نشأت وشابت في ملاحظة الآيات، وأهل البيت نصب على المدح أو النداء لقصد التخصيص كقولهم: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة. إِنَّهُ حَمِيدٌ فاعل ما يستوجب به الحمد. مَجِيدٌ كثير الخير والإحسان.

[سورة هود (١١) : الآيات ٧٤ الى ٧٦]

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يَا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ أي ما أوجس من الخيفة واطمأن قلبه بعرفانهم. وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بدل الورع. يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ يجادل رسلنا في شأنهم ومجادلته إياهم قوله: إِنَّ فِيها لُوطاً وهو إما جواب لما جيء به مضارعاً على حكاية الحال أو لأنه في سياق الجواب بمعنى الماضي كجواب لو، أو دليل جوابه المحذوف مثل اجترأ على خطابنا أو شرع في جدالنا، أو متعلق به أقيم مقامه مثل أخذ أو أقبل يجادلنا.

إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ غير عجول على الانتقام من المسيء إليه. أَوَّاهٌ كثير التأوه من الذنوب والتأسف على الناس. مُنِيبٌ راجع إلى الله، والمقصود من ذلك بيان الحامل له على المجادلة وهو رقة قلبه وفرط ترحمه.

يَا إِبْراهِيمُ على إرادة القول أي قالت الملائكة يَا إِبْراهِيمُ. أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ قدره بمقتضى قضائه الأزلي بعذابهم وهو أعلم بحالهم. وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ مصروف بجدال ولا دعاء ولا غير ذلك.

[سورة هود (١١) : الآيات ٧٧ الى ٧٨]

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨)

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ ساءه مجيئهم لأنهم جاءوه في صورة غلمان فظن أنهم أناس فخاف عليهم أن يقصدهم قومه فيعجز عن مدافعتهم. وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وضاق بمكانهم صدره، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه. وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ شديد من عصبه إذا شده.

وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ يسرعون إليه كأنهم يدفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه. وَمِنْ قَبْلُ أي ومن قبل ذلك الوقت. كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ الفواحش فتمرنوا بها ولم يستحيوا منها حتى جاءوا يهرعون لها مجاهرين. قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي فدى بهن أضيافه كرماً وحمية، والمعنى هؤلاء بناتي فتزوجوهن، وكانوا يطلبونهن قبل فلا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لحرمة المسلمات على الكفار فإنه شرع طارئ أو مبالغة في تناهي خبث ما يرومونه حتى إن ذلك أهون منه، أو إظهاراً لشدة امتعاضه من ذلك كي يرقوا له. وقيل المراد بالبنات نساؤهم فإن كل نبي أبو أمته من حيث الشفقة والتربية وفي حرف ابن مسعود وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وهو أب لهم هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ أنظف فعلاً وأقل فحشاً كقولك: الميتة أطيب من المغصوب وأحل منه. وقرئ أَطْهَرُ بالنصب على الحال على أن هُنَّ خبر بَناتِي كقولك: هذا أخي هو لا فصل فإنه لا يقع بين الحال وصاحبها. فَاتَّقُوا اللَّهَ بترك الفواحش أو بإيثارهن عليهم. وَلا تُخْزُونِ ولا تفضحوني من الخزي، أو ولا تخجلوني من الخزاية بمعنى الحياء. فِي ضَيْفِي في شأنهم فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>