ترضية له ودفعاً للشماتة عنه. وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ بمزيد الإِنعام علينا. وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فأنت أرحم بنا منا على أنفسنا.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٥٢ الى ١٥٣]
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣)
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وهو ما أمرهم به من قتل أنفسهم. وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وهي خروجهم من ديارهم. وقيل الجزية. وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ على الله ولا فرية أعظم من فريتهم وهي قولهم هذا إلهكم وإله موسى، ولعله لم يفتر مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم.
وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ من الكفر والمعاصي. ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها من بعد السيئات. وَآمَنُوا واشتغلوا بالإِيمان وما هو مقتضاه من الأعمال الصالحة. إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد التوبة. لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وإن عظم الذنب كجريمة عبدة العجل، وكثر كجرائم بني إسرائيل.
[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٥٤]]
وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤)
وَلَمَّا سَكَتَ سكن وقد قرئ به. عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ باعتذار هارون، أو بتوبتهم وفي هذا الكلام مبالغة وبلاغة من حيث أنه جعل الغضب الحامل له على ما فعل كالأمر به والمغري عليه حتى عبر عن سكونه بالسكوت. وقرئ «سَكَتَ» و «أسكت» على أن المسكت هو الله أو أخوه أو الذين تابوا. أَخَذَ الْأَلْواحَ التي ألقاها. وَفِي نُسْخَتِها وفيما نسخ فيها أي كتب، فعلة بمعنى مفعول كالخطبة وقيل فيما نسخ منها أي من الألواح المنكسرة. هُدىً بيان للحق. وَرَحْمَةٌ إرشاد إلى الصلاح والخير. لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ دخلت اللام على المفعول لضعف الفعل بالتأخير، أو حذف المفعول واللام للتعليل والتقدير يرهبون معاصي الله لربهم.
[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٥٥]]
وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥)
وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ أي من قومه فحذف الجار وأوصل الفعل إليه سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ
روي أنه تعالى أمره أن يأتيه في سبعين من بني إسرائيل، فاختار من كل سبط ستة فزاد اثنان فقال:
ليتخلف منكم رجلان فتشاجروا فقال: إن لمن قعد أجر من خرج، فقعد كالب ويوشع وذهب مع الباقين، فلما دنوا من الجبل غشيه غمام فدخل موسى بهم الغمام وخروا سجداً، فسمعوه تعالى يكلم موسى يأمره وينهاه، ثم انكشف الغمام فأقبلوا إليه وقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الرجفة
أي الصاعقة، أو رجفة الجبل فصعقوا منها. قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ تمنى هلاكهم وهلاكه، قبل أن يرى ما رأى أو بسبب آخر، أو عنى به أنك قدرت على إهلاكهم قبل ذلك بحمل فرعون على إهلاكهم وبإغراقهم في البحر وغيرهما فترحمت عليهم بالانقاذ منها فإن ترحمت عليهم مرة أخرى لم يبعد من عميم إحسانك. أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا من العناد والتجاسر على طلب الرؤية، وكان ذلك قاله بعضهم. وقيل المراد بما فعل السفهاء عبادة العجل، والسبعون اختارهم موسى لميقات التوبة عنها فغشيتهم