للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ ناد فيهم وقرئ «وَآذّن» . بِالْحَجِّ بدعوة الحج والأمر به.

روي أنه عليه الصلاة والسلام صعد أبا قبيس فقال: يا أيها الناس حجوا بيت ربكم، فأسمعه الله من أصلاب الرجال وأرحام النساء فيما بين المشرق والمغرب ممن سبق في علمه أن يحج.

وقيل الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بذلك في حجة الوداع. يَأْتُوكَ رِجالًا مشاة جمع راجل كقائم وقيام، وقرئ بضم الراء مخفف الجيم ومثقلة و «رجالي» كعجالى. وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ أي وركباناً على كل بعير مهزول أتعبه بعد السفر فهزله. يَأْتِينَ صفة ل ضامِرٍ محمولة على معناه، وقرئ «يأتون» صفة للرجال والركبان أو استئناف فيكون الضمير ل النَّاسِ.

مِنْ كُلِّ فَجٍّ طريق. عَمِيقٍ بعيد، وقرئ «معيق» يقال بئر بعيدة العمق والمعق بمعنى.

لِيَشْهَدُوا ليحضروا. مَنافِعَ لَهُمْ دينية ودنيوية، وتنكيرها لأن المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة. وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عند إعداد الهدايا والضحايا وذبحها. وقيل كنى بالذكر عن النحر لأن ذبح المسلمين لا ينفك عنه تنبيهاً على أنه المقصود مما يتقرب به إلى الله تعالى. فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ هي عشر ذي الحجة، وقيل أيام النحر. عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ علق الفعل بالمرزوق وبينه بالبهيمة تحريضاً على التقرب وتنبيهاً على مقتضى الذكر. فَكُلُوا مِنْها من لحومها أمر بذلك إباحة وإزاحة لما عليه أهل الجاهلية من التحرج فيه، أو ندباً إلى مواساة الفقراء ومساواتهم، وهذا في المتطوع به دون الواجب.

وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الذي أصابه بؤس أي شدة. الْفَقِيرَ المحتاج، والأمر فيه للوجوب وقد قيل به في الأول.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ثم ليزيلوا وسخهم بقص الشارب والأظفار ونتف الإِبط والاستحداد عند الإِحلال.

وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ما ينذرون من البر في حجهم، وقيل مواجب الحج. وقرأ أبو بكر بفتح الواو وتشديد الفاء. وَلْيَطَّوَّفُوا طواف الركن الذي به تمام التحلل فإنه قرينة قضاء التفث، وقيل طواف الوداع. وقرأ ابن عامر وحده بكسر اللام فيهما. بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ القديم لأنه أول بيت وضع للناس، أو المعتق من تسلط الجبابرة فكم من جبار رسا إليه ليهدمه فمنعه الله تعالى، وأما الحجاج فإنما قصد إخراج ابن الزبير منه دون التسلط عليه.

ذلِكَ خبر محذوف أي الأمر ذلك وهو وأمثاله تطلق للفصل بين كلامين. وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ أحكامه وسائر ما لا يحل هتكه، أو الحرم وما يتعلق بالحج من التكاليف. وقيل الكعبة والمسجد الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام والمحرم. فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فالتعظيم خَيْرٌ لَهُ. عِنْدَ رَبِّهِ ثواباً. وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ إلا المتلو عليكم تحريمه، وهو ما حرم منها لعارض: كالميتة وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله فلا تحرموا منها غير ما حرمه الله كالبحيرة والسائبة. فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان كما تجتنب الأنجاس، وهو غاية المبالغة في النهي عن تعظيمها والتنفير عن عبادتها.

وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ تعميم بعد تخصيص فإن عبادة الأوثان رأس الزور، كأنه لما حث على تعظيم الحرمات أتبعه ذلك رداً لما كانت الكفرة عليه من تحريم البحائر والسوائب وتعظيم الأوثان والإِفتراء على الله تعالى بأنه حكم بذلك. وقيل شهادة الزور لما

روي أنه عليه الصلاة والسلام قال «عدلت شهادة الزور الإِشراك بالله تعالى ثلاثاً وتلا هذه الآية» .

والزُّورِ من الزور وهو الإِنحراف كما أن الإِفك من الإِفك وهو الصرف، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>