للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم فلما أسلموا علموا أنه الشيطان. وعلى هذا يحتمل أن يكون معنى قوله: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ إني أخافه أن يصيبني مكروه من الملائكة أو يهلكني ويكون الوقت هو الوقت الموعود إذ رأى فيه ما لم ير قبله، والأول ما قاله الحسن واختاره ابن بحر. وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ يجوز أن يكون من كلامه وأن يكون مستأنفا.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٩]]

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩)

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والذين لم يطمئنوا إلى الإِيمان بعد وبقي في قلوبهم شبهة. وقيل هم المشركون. وقيل المنافقون والعطف لتغاير الوصفين. غَرَّ هؤُلاءِ يعنون المؤمنين.

دِينُهُمْ حتى تعرضوا لما لا يدي لهم به فخرجوا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ جواب لهم. فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب لا يذل من استجار به وإن قل حَكِيمٌ يفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل ويعجز عن إدراكه.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٥٠ الى ٥١]

وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١)

وَلَوْ تَرى ولو رأيت فإن لو تجعل المضارع ماضياً عكس إن. إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ ببدر، وإذ ظرف ترى والمفعول محذوف أي ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ، والملائكة فاعل يتوفى ويدل عليه قراءة ابن عامر بالتاء ويجوز أن يكون الفاعل ضمير الله عز وجل وهو مبتدأ خبره يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ والجملة حال من الذين كفروا، واستغني فيه بالضمير عن الواو وهو على الأول حال منهم أو من الملائكة أو منهما لاشتماله على الضميرين. وَأَدْبارَهُمْ ظهورهم أو أستاههم، ولعل المراد تعميم الضرب أي يضربون ما أقبل منهم وما أدبر. وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ عطف على يضربون بإضمار القول أي ويقولون ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة. وقيل كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها، وجواب لَوْ محذوف لتقطيع الأمر وتهويله.

ذلِكَ الضرب والعذاب. بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ بسبب ما كسبت من الكفر والمعاصي وهو خبر لذلك. وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ عطف على «ما» للدلالة على أن سببيته مقيدة بانضمامه إليه إذ لولاه لأمكن أن يعذبهم بغير ذنوبهم لا أن لا يعذبهم بذنوبهم. فإن ترك التعذيب من مستحقه ليس بظلم شرعاً ولا عقلاً حتى ينتهض نفي الظلم سبباً للتعذيب وظلام التكثير لأجل العبيد.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٥٢ الى ٥٤]

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤)

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون وهو عملهم وطريقهم الذي دأبوا فيه أي داموا عليه. وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من قبل آل فرعون. كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ تفسير لدأبهم. فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ كما أخذ هؤلاء. إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ لا يغلبه في دفعه شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>