[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٢ الى ١٣]
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣)
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ يخافون عذابه غائباً عنهم لم يعاينوه بعد، أو غائبين عنه أو عن أعين الناس، أو بالمخفي منهم وهو قلوبهم. لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم. وَأَجْرٌ كَبِيرٌ تصغر دونه لذائذ الدنيا.
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بالضمائر قبل أن يعبر عنها سراً أو جهرا.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٤ الى ١٥]
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ألا يعلم السر والجهر من أوجد الأشياء حسبما قدرته حكمته. وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ المتوصل علمه إلى ما ظهر من خلقه وما بطن، أو ألا يعلم الله من خلقه، وهو بهذه المثابة والتقييد بهذه الحال يستدعي أن يكون ل يَعْلَمُ مفعول ليفيد،
روي: أن المشركين كانوا يتكلمون فيما بينهم بأشياء، فيخبر الله بها رسوله فيقولون: أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد فنبه الله على جهلهم.
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا لينة يسهل لكم السلوك فيها. فَامْشُوا فِي مَناكِبِها في جوانبها أو جبالها، وهو مثل لفرط التذليل فإن منكب البعير ينبو عن أن يطأه الراكب ولا يتذلل له، فإذا جعل الأرض في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يبق شيء لم يتذلل. وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ والتمسوا من نعم الله. وَإِلَيْهِ النُّشُورُ المرجع فيسألكم عن شكر ما أنعم عليكم.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٦ الى ١٧]
أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)
أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم، أو الله تعالى على تأويل مَنْ فِي السَّماءِ أمره أو قضاؤه، أو على زعم العرب فإنهم زعموا أنه تعالى في السماء، وعن ابن كثير «وامنتم» بقلب الهمزة الأولى واواً لانضمام ما قبلها، «وآمنتم» بقلب الثانية ألفاً، وهو قراءة نافع وأبي عمرو ورويس.
أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فيغيبكم فيها كما فعل بقارون وهو بدل من بدل الاشتمال. فَإِذا هِيَ تَمُورُ تضطرب، والمور التردد في المجيء والذهاب.
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً أن يمطر عليكم حصباء. فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٨ الى ١٩]
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ إنكاري عليهم بإنزال العذاب، وهو تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلم وتهديد لقومه المشركين.
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها، فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها. وَيَقْبِضْنَ ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتاً بعد وقت للاستظهار به على التحريك، ولذلك عدل به إلى صيغة الفعل للتفرقة بين الأصل في الطيران والطارئ عليه. مَا يُمْسِكُهُنَّ في الجو على خلاف