إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أي عن الإِيمان بها. لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ لأدعيتهم وأعمالهم أو لأزواجهم، كما تفتح لأعمال المؤمنين وأرواحهم لتتصل بالملائكة. والتاء في تفتح للتأنيث الأبواب والتشديد لكثرتها، وقرأ أبو عمرو بالتخفيف وحمزة والكسائي به وبالياء، لأن التأنيث غير حقيقي والفعل مقدم. وقرئ على البناء للفاعل ونصب الأبواب بالتاء على أن الفعل للآيات وبالياء لأن الفعل لله.
وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسلك وهو ثقبة الإِبرة، وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه. وقرئ «الجمل» كالقمل، و «الجمل» كالنغر، و «الجمل» كالقفل، والجمل كالنصب، و «الجمل» كالحبل وهو الحبل الغليظ من القنب، وقيل حبل السفينة. وسم بالضم والكسر وفي سم المخيط وهو والخياط ما يخاط به كالحزام والمحزم. وَكَذلِكَ ومثل ذلك الجزاء الفظيع. نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ.
لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ فراش. وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ أغطية، والتنوين فيه للبدل عن الاعلال عند سيبويه، وللصرف عند غيره، وقرئ «غَوَاشٍ» على إلغاء المحذوف. وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ عبر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى إشعاراً بأنهم بتكذيبهم الآيات اتصفوا بهذه الأوصاف الذميمة، وذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيهاً على أنه أعظم الإِجرام.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ على عادته سبحانه وتعالى في أن يشفع الوعيد بالوعد، وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وسعها اعتراض بين المبتدأ وخبره للترغيب في اكتساب النعيم المقيم بما يسعه طاقتهم ويسهل عليهم. وقرئ «لا تكلف نفس» .
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ أي نخرج من قلوبهم أسباب الغل، أو نطهرها منه حتى لا يكون بينهم إلا التواد.
وعن على كرم الله وجهه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم.
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ زيادة في لذتهم وسرورهم. وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا لما جزاؤه هذا. وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لولا هداية الله وتوفيقه، واللام لتوكيد النفي وجواب لَوْلاَ محذوف دل عليه ما قبله.
وقرأ ابن عامر «ما كنا» بغير واو على أنها مبينة للأولى. لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فاهتدينا بإرشادهم.
يقولون ذلك اغتباطاً وتبجحاً بأن ما علموه يقيناً في الدنيا صار لهم عين اليقين في الآخرة. وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ إذا رأوها من بعيد، أو بعد دخولها والمنادى له بالذات. أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي أعطيتموها بسبب أعمالكم، وهو حال من الجنة والعامل فيها معنى الإِشارة، أو خبر والجنة صفة تلكم وأن في المواقع الخمسة هي المخففة أو المفسرة لأن المناداة والتأذين من القول.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥)