الزوار أو أمثالهم، أو موضع ثواب يثابون بحجه واعتماره. وقرئ: «مثابات» أي لأنه مثابة كل أحد.
وَأَمْناً وموضع أمن لا يتعرض لأهله كقوله تعالى: حَرَماً آمِناً. وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ، أو يأمن حاجَّهُ من عذاب الآخرة من حيث إن الحج يجب ما قبله، أولاً يؤاخذ الجاني الملتجئ إليه حتى يخرج، وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه. وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى على إرادة القول، أو عطف على المقدر عاملاً لإذ، أو اعتراض معطوف على مضمر تقديره توبوا إليه واتخذوا، على أن الخطاب لأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهو أمر استحباب، ومقام إبراهيم هو الحجر الذي فيه أثر قدمه، أو الموضع الذي كان فيه الحجر حين قام عليه ودعا الناس إلى الحج، أو رفع بناء البيت وهو موضعه اليوم.
روي أنه عليه الصلاة والسلام أخذ بيد عمر رضي الله تعالى عنه وقال: «هذا مقام إبراهيم، فقال عمر: أفلا نتخذه مصلى، فقال: لم أومر بذلك، فلم تغب الشمس حتى نزلت»
وقيل المراد به الأمر بركعتي الطواف، لما
روى جابر أنه عليه الصلاة والسلام:
لما فرغ من طوافه عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين وقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى
وللشافعي رحمه الله تعالى في وجوبهما قولان. وقيل: مقام إبراهيم الحرم كله. وقيل مواقف الحج واتخاذها مصلى أن يدعى فيها، ويتقرب إلى الله تعالى. وقرأ نافع وابن عامر وَاتَّخِذُوا بلفظ الماضي عطفاً على جَعَلْنَا، أي: واتخذوا الناس مقامه الموسوم به، يعني الكعبة قبلة يصلون إليها. وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أمرناهما. أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ بأن طَهّرَا بَيْتِيَ ويجوز أن تكون أن مفسرة لتضمن العهد معنى القول، يريد طهراه من الأوثان والأنجاس وما لا يليق به، أو أخلصاه. لِلطَّائِفِينَ حوله. وَالْعاكِفِينَ المقيمين عنده، أو المعتكفين فيه وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. أي المصلين، جمع راكع وساجد.
[[سورة البقرة (٢) : آية ١٢٦]]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا يريد به البلد، أو المكان. بَلَداً آمِناً ذا أمن كقوله تعالى فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ. أو آمناً أهله كقولك: ليل نائم وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أبدل من مَنْ آمَنَ أَهْلَهُ بدل البعض للتخصيص قالَ وَمَنْ كَفَرَ عطف على آمَنَ والمعنى وارزق من كفر، قاس إبراهيم عليه الصلاة والسلام الرزق على الإِمامة، فنبه سبحانه على أن الرزق رحمة دنيوية تعم المؤمن والكافر، بخلاف الإمامة والتقدم في الدين. أو مبتدأ متضمن معنى الشرط فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا خبره، والكفر وإن لم يكن سبباً للتمتيع لكنه سبب لتقليله، بأن يجعله مقصوراً بحظوظ الدنيا غير متوسل به إلى نيل الثواب، ولذلك عطف عليه ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ أي ألزه إليه لز المضطر لكفره وتضييعه ما متعته به من النعم، وقليلاً نصب على المصدر، أو الظرف. وقرئ بلفظ الأمر فيهما على أنه من دعاء إبراهيم وفي قال ضميره. وقرأ ابن عامر فَأُمَتِّعُهُ من أمتع. وقرئ «فنمتعه» ثم نضطره، و «إضطره» بكسر الهمزة على لغة من يكسر حروف المضارعة، و «أطره» بإدغام الضاد وهو ضعيف لأن حروف (ضم شفر) يدغم فيها ما يجاورها دون العكس.
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ المخصوص بالذم محذوف، وهو العذاب.
[[سورة البقرة (٢) : آية ١٢٧]]
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧)
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ حكاية حال ماضية، والْقَواعِدَ جمع قاعدة وهي الأساس صفة غالبة من القعود، بمعنى الثبات، ولعله مجاز من المقابل للقيام، ومنه قعدك الله، ورفعها البناء عليها فإنه ينقلها عن هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع، ويحتمل أن يراد بها سافات البناء فإن كل ساف قاعدة ما يوضع