[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨٤ الى ٨٥]
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥)
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ذاتا وقدرا ووصفا. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ وضع فيه الظاهر موضع الضمير تهجينا لحالهم بتكرير إسناد السيئة إليهم. إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ أي إلا مثل ما كانوا يعملون فحذف المثل وأقيم ما كانُوا يَعْمَلُونَ مقامة مبالغة في المماثلة.
إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه. لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أي معاد وهو المقام المحمود الّذي وعدك أن يبعثك فيه، أو مكة الّتي اعتدت بها على أنه من العادة رده إليها يوم الفتح، كأنه لما حكم بأن الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وأكد ذلك بوعد المحسنين ووعيد المسيئين وعده بالعاقبة الحسنى في الدارين.
روي أنه لما بلغ جحفة في مهاجره اشتاق إلى مولده ومولد آبائه فنزلت.
قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وما يستحقه من الثواب والنصر ومن منتصب بفعل يفسره أعلم. وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وما استحقه من العذاب والإذلال يعني به نفسه والمشركين، وهو تقرير للوعد السابق وكذا قوله:
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨٦ الى ٨٧]
وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (٨٦) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧)
وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ أي سيردك إلى معادك كما ألقى إليك الكتاب وما كنت ترجوه.
إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ولكن ألقاه رحمة منه، ويجوز أن يكون استثناء محمولا على المعنى كأنه قال: وما ألقي إليك الكتاب إلا رحمة. فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ بمداراتهم والتحمل عنهم والإجابة إلى طلبتهم.
وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ عن قراءتها والعمل بها. بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وقرئ يَصُدُّنَّكَ من أصد. وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إلى عبادته وتوحيده. وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بمساعدتهم.
[[سورة القصص (٢٨) : آية ٨٨]]
وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)
وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ هذا وما قبله للتهييج وقطع أطماع المشركين عن مساعدته لَهُمْ. لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ إلا ذاته فإن ما عداه ممكن هالك في حد ذاته معدوم. لَهُ الْحُكْمُ القضاء النافذ في الخلق. وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ للجزاء بالحق.
عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «من قرأ طسم القصص كان له من الأجر بعدد من صدق موسى وكذب ولم يبق ملك في السموات والأرض إلا شهد له يوم القيامة أنه صادقا» .