كمن سيؤمن هو أو أحد من ذريته، ولذلك حميت العرب من عذاب الاستئصال. وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ في الكفر والمعاصي.
لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ يا قريش كِتاباً يعني القرآن. فِيهِ ذِكْرُكُمْ صيتكم كقوله وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ أو موعظتكم أو ما تطلبون به حسن الذكر من مكارم الأخلاق. أَفَلا تَعْقِلُونَ فتؤمنون.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١١ الى ١٣]
وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣)
وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ واردة عن غضب عظيم لأن القصم كسر يبين تلاؤم الأجزاء بخلاف الفصم.
كانَتْ ظالِمَةً صفة لأهلها وصفت بها لما أقيمت مقامه. وَأَنْشَأْنا بَعْدَها بعد إهلاك أهلها. قَوْماً آخَرِينَ مكانهم.
فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا فلما أدركوا شدة عذابنا إدراك المشاهد المحسوس، والضمير للأهل المحذوف.
إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يهربون مسرعين راكضين دوابهم، أو مشبهين بهم من فرط إسراعهم.
لاَ تَرْكُضُوا على إرادة القول أي قيل لهم استهزاء لا تركضوا إما بلسان الحال أو المقال، والقائل ملك أو من ثم من المؤمنين. وَارْجِعُوا إِلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ من التنعم والتلذذ والإِتراف إبطار النعمة.
وَمَساكِنِكُمْ التي كانت لكم. لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ غدا عن أعمالكم أو تعذبون فإن السؤال من مقدمات العذاب، أو تقصدون للسؤال والتشاور في المهام والنوازل.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٤ الى ١٥]
قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥)
قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ لما رأوا العذاب ولم يروا وجه النجاة فلذلك لم ينفعهم. وقيل إن أهل حضور من قرى اليمن بعث إليهم نبي فقتلوه فسلط الله عليهم بختنصر فوضع السيف فيهم فنادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء فندموا وقالوا ذلك.
فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ فما زالوا يرددون ذلك، وإنما سماه دعوى لأن المولول كأنه يدعو الويل ويقول: يا ويل تعال فهذا أوانك، وكل من تِلْكَ ودَعْواهُمْ يحتمل الاسمية والخبرية. حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً مثل الحصيد وهو النبت المحصود ولذلك لم يجمع. خامِدِينَ ميتين من خمدت النار وهو مع حَصِيداً منزلة المفعول الثاني كقولك: جعلته حلواً حامضاً إذ المعنى: وجعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود أو صفة له أو حال من ضميره.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٦ الى ١٧]
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (١٧)
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ وإنما خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للنظار وتذكرة لذوي الاعتبار وتسبباً لما ينتظم به أمور العباد في المعاش والمعاد، فينبغي أن يتسلقوا بها إلى تحصيل الكمال ولا يغتروا بزخارفها فإنها سريعة الزوال.
لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً ما يتلهى به ويلعب. لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا من جهة قدرتنا، أو من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة والأجرام المبسوطة كعادتكم في رفع السقوف وتزويقها وتسوية الفرش وتزيينها، وقيل اللهو الولد بلغة اليمن وقيل الزوجة والمراد به الرد على النصارى إِنْ كُنَّا