إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ اعتنوا أنتم أيضاً فإنكم أولى بذلك وقولوا اللهم صلي على محمد. وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وقولوا السلام عليك أيها النبي وقيل وانقادوا لأوامره، والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة، وقيل تجب الصلاة كلما جرى ذكره
لقوله عليه الصلاة والسلام «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي»
وقوله «من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله»
، وتجوز الصلاة على غيره تبعاً. وتكره استقلالاً لأنه في العرف صار شعاراً لذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولذلك كره أن يقال محمّد عز وجل وإن كان عزيزاً وجليلاً.
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٥٧ الى ٥٨]
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨)
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يرتكبون ما يكرهانه من الكفر والمعاصي، أو يؤذون رسول الله بكسر رباعيته وقولهم شاعر مجنون ونحو ذلك وذكر الله للتعظيم له. ومن جوز إطلاق اللفظ على معنيين فسره بالمعنيين باعتبار المعمولين. لَعَنَهُمُ اللَّهُ أبعدهم من رحمته. فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً يهينهم مع الإِيلام.
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا بغير جناية استحقوا بها الإِيذاء. فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ظاهراً. قيل إنها نزلت في منافقين كانوا يؤذون عليا رضي الله عنه، وقيل في أهل الإِفك، وقيل في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات.
[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٩]]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩)
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة، ومِنْ للتبعيض فإن المرأة ترخي بعض جلبابها وتتلفع ببعض ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ يميزن من الإِماء والقينات. فَلا يُؤْذَيْنَ فلا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن. وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما سلف. رَحِيماً بعباده حيث يراعي مصالحهم حتى الجزئيات منها.
[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦٠]]
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠)
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ عن نفاقهم. وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ضعف إيمان وقلة ثبات عليه، أو فجور عن تزلزلهم في الدين أو فجورهم. وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ يرجفون أخبار السوء عن سرايا المسلمين ونحوها من إرجافهم، وأصله التحريك من الرجفة وهي الزلزلة سمي به الإِخبار الكاذب لكونه متزلزلاً غير ثابت. لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ لنأمرنك بقتالهم وإجلائهم، أو ما يضطرهم إلى طلب الجلاء. ثُمَّ لاَ يُجاوِرُونَكَ عطف على لَنُغْرِيَنَّكَ، وثُمَّ للدلالة على أن الجلاء ومفارقة جوار الرسول أعظم ما يصيبهم. فِيها في المدينة. إِلَّا قَلِيلًا زماناً أو جواراً قليلاً.
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٦١ الى ٦٢]
مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٦٢)
مَلْعُونِينَ نصب على الشتم أو الحال والاستثناء شامل له أيضاً أي: لاَ يُجاوِرُونَكَ إلا ملعونين، ولا