وَحاجَّهُ قَوْمُهُ وخاصموه في التوحيد. قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ في وحدانيته سبحانه وتعالى. وقرأ نافع وابن عامر بخلاف عن هشام بتخفيف النون. وَقَدْ هَدانِ إلى توحيده. وَلا أَخافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ أي لا أخاف معبوداتكم في وقت لأنها لا تضر بنفسها ولا تنفع. إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً أن يصيبني بمكروه من جهتها، ولعله جواب لتخويفهم إياه من آلهتهم وتهديد لهم بعذاب الله. وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً كأنه علة الاستثناء، أي أحاط به علماً فلا يبعد أن يكون في علمه أن يحيق بي مكروه من جهتها. أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز.
وَكَيْفَ أَخافُ مَا أَشْرَكْتُمْ ولا يتعلق به ضر. وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وهو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف لأنه إشراك للمصنوع بالصانع، وتسوية بين المقدور العاجز بالقادر الضار النافع. مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً ما لم ينزل بإشراكه كتاباً، أو لم ينصب عليه دليلاً. فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ أي الموحدون أو المشركون، وإنما لم يقل أينا أنا أم أنتم احترازاً من تزكية نفسه. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ما يحق أن يخاف منه.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ٨٢]]
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ استئناف منه أو من الله بالجواب عما استفهم عنه، والمراد بالظلم ها هنا الشرك لما
روي أن الآية لما نزلت شق ذلك على الصحابة وقالوا:
أينا لم يظلم نفسه فقال عليه الصلاة والسلام «ليس ما تظنون إنما هو ما قال لقمان لابنه
يا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» وليس الإِيمان به أن يصدق بوجود الصانع الحكيم ويخلط بهذا التصديق الإِشراك به.
وقيل المعصية.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ٨٣]]
وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)
وَتِلْكَ إشارة إلى ما احتج به إبراهيم على قومه من قوله: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ إلى قوله: وَهُمْ مُهْتَدُونَ أو من قوله: أَتُحاجُّونِّي إليه. حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ أرشدناه إليها أو علمناه إياها. عَلى قَوْمِهِ متعلق ب حُجَّتُنا إن جعل خبر تلك وبمحذوف إن جعل بدله أي: آتيناها إبراهيم حجة على قومه.
نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ في العلم والحكمة. وقرأ الكوفيون ويعقوب بالتنوين. إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ في رفعه وخفضه. عَلِيمٌ بحال من يرفعه واستعداده له.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٨٤ الى ٨٥]
وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥)
وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا أي كلا منهما. وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ من قبل إبراهيم، عد هداه نعمة على إبراهيم من حيث إنه أبوه وشرف الوالد يتعدى إلى الولد. وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ الضمير لإبراهيم عليه الصلاة والسلام إذ الكلام فيه. وقيل لنوح عليه السلام لأنه أقرب ولأن يونس ولوطاً ليسا من ذرية إبراهيم، فلو كان لإبراهيم اختص البيان بالمعدودين في تلك الآية والتي بعدها والمذكورون في الآية الثالثة عطف على