[(٤٢) سورة حم عسق]
مكية وهي ثلاث وخمسون آية وتسمه سورة «الشورى»
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١ الى ٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤)
حَمَ. عَسَقَ لعله اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما وعدا آيتين، وإن كانا اسماً واحداً فالفصل ليطابق سائر الحواميم، وقرئ «حم سق» .
كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أي مثل ما في هذه السورة من المعاني، أو إيحاء مثل إيحائها أوحى الله إليك وإلى الرسل من قبلك، وإنما ذكر بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية للدلالة على استمرار الوحي وأن إيحاء مثله عادته، وقرأ ابن كثير يُوحِي بالفتح على أن كذلك مبتدأ ويُوحِي خبره المسند إلى ضميره، أو مصدر ويُوحِي مسند إلى إليك، واللَّهُ مرتفع بما دل عليه يُوحِي، والْعَزِيزُ الْحَكِيمُ صفتان له مقررتان لعلو شأن الموحى به كما مر في السورة السابقة، أو بالابتداء كما في قراءة «نوحي» بالنون والْعَزِيزُ وما بعده أخبار أو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ صفتان. وقوله:
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ خبران له وعلى الوجوه الأخر استئناف مقرر لعزته وحكمته.
[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٥]]
تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥)
تَكادُ السَّماواتُ وقرأ نافع والكسائي بالياء. يَتَفَطَّرْنَ يتشققن من عظمة الله، وقيل من ادعاء الولد له. وقرأ البصريان وأبو بكر «ينفطرن» بالنون والأول أبلغ لأنه مطاوع فطر وهذا مطاوع فطر، وقرئ «تتفطرن» بالتاء لتأكيد التأنيث وهو نادر. مِنْ فَوْقِهِنَّ أي يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية، وتخصيصها على الأول لأن أعظم الآيات وأدلها على علو شأنه من تلك الجهة، وعلى الثاني ليدل على الانفطار من تحتهن بالطريق الأولى. وقيل الضمير للأرض فإن المراد بها الجنس. وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ بالسعي فيما يستدعي مغفرتهم من الشفاعة والإِلهام وإعداد الأسباب المقربة إلى الطاعة، وذلك في الجملة يعم المؤمن والكافر بل لو فسر الاستغفار بالسعي فيما يدفع الخلل المتوقع عم الحيوان بل الجماد، وحيث خص بالمؤمنين فالمراد به الشفاعة. أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ إذ ما من مخلوق إلا وهو ذو حظ من رحمته، والآية على الأول زيادة تقرير لعظمته وعلى الثاني دلالة على تقدسه عما نسب إليه، وإن عدم معاجلتهم بالعقاب على تلك الكلمة الشنعاء باستغفار الملائكة وفرط غفران الله ورحمته.
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٦ الى ٧]
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)