للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستماع حتى لا تفتقروا إلى طلب المراعاة، أو واسمعوا سماع قبول لا كسماع اليهود، أو واسمعوا ما أمرتم به بجد حتى لا تعودوا إلى ما نهيتم عنه. وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني الذين تهاونوا بالرسول عليه السلام وسبوه.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٠٥]]

مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥)

مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ نزلت تكذيباً لجمع من اليهود يظهرون مودة المؤمنين، ويزعمون أنهم يودون لهم الخير. والود: محبة الشيء مع تمنيه، ولذلك يستعمل في كل منهما، ومن للتبيين كما في قوله تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ مفعول يود، ومن الأولى مزيدة للاستغراق، والثانية للابتداء، وفسر الخير بالوحي. والمعنى أنهم يحسدونكم به وما يحبون أن ينزل عليكم شيء منه وبالعلم وبالنصرة، ولعل المراد به ما يعم ذلك وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ يستنبئه ويعلمه الحكمة وينصره لا يجب عليه شيء، وليس لأحد عليه حق وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ إشعار بأن النبوة من الفضل، وأن حرمان بعض عباده ليس لضيق فضله، بل لمشيئته وما عرف فيه من حكمته.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٠٦ الى ١٠٧]

مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧)

مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نزلت لما قال المشركون أو اليهود: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمر بخلافه. والنسخ في اللغة: إزالة الصورة عن الشيء وإثباتها في غيره، كنسخ الظل للشمس والنقل، ومنه التناسخ. ثم استعمل لكل واحد منهما كقولك: نسخت الريح الأثر، ونسخت الكتاب.

ونسخ الآية بيان انتهاء التعبد بقراءتها، أو الحكم المستفاد منها، أو بهما جميعاً. وإنساؤها إذهابها عن القلوب، وما شرطية جازمة لننسخ منتصبة به على المفعولية. وقرأ ابن عامر ما ننسخ من أنسخ أي نأمرك أو جبريل بنسخها، أو نجدها منسوخة. وابن كثير وأبو عمرو «ننسأها» أي نؤخرها من النسء. وقرئ «ننسها» أي ننس أحداً إياها، و «ننسها» أي أنت، و «تنسها» على البناء للمفعول، و «ننسكها» بإضمار المفعولين نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أي بما هو خير للعباد في النفع والثواب، أو مثلها في الثواب. وقرأ أبو عمرو بقلب الهمزة ألفاً. أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على النسخ والإتيان بمثل المنسوخ، أو بما هو خير منه. والآية دلت على جواز النسخ وتأخير الإِنزال إذ الأصل اختصاص أن وما يتضمنها بالأمور المحتملة، وذلك لأن الأحكام شرعت، والآيات نزلت لمصالح العباد وتكميل نفوسهم فضلاً من الله ورحمة، وذلك يختلف باختلاف الأعصار والأشخاص، كأسباب المعاش فإن النافع في عصر قد يضر في عصر غيره.

واحتج بها من منع النسخ بلا بدل، أو ببدل أثقل. ونسخ الكتاب بالسنة، فإن الناسخ هو المأتي به بدلاً والسنة ليست كذلك والكل ضعيف، إذ قد يكون عدم الحكم، أو الأثقل أصلح. والنسخ قد يعرف بغيره، والسنة مما أتى به الله تعالى، وليس المراد بالخير والمثل ما يكون كذلك في اللفظ. والمعتزلة على حدوث القرآن فإن التغير والتفاوت من لوازمه. وأجيب: بأنهما من عوارض الأمور المتعلقة بالمعنى القائم بالذات القديم.

أَلَمْ تَعْلَمْ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمراد هو وأمته، لقوله: وَما لَكُمْ وإنما أفرده لأنه أعلمهم، ومبدأ علمهم. أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو كالدليل على قوله: أَنَّ اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>