للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ أي وعده إياكم بالنصر بشرط التقوى والصبر، وكان كذلك حتى خالف الرماة فإن المشركين لما أقبلوا جعل الرماة يرشقونهم بالنبل والباقون يضربونهم بالسيف حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم. إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ تقتلونهم، من حسه إذا أبطل حسه. حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ جبنتم وضعف رأيكم، أو ملتم إلى الغنيمة فإن الحرص من ضعف العقل. وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ يعني اختلاف الرماة حين انهزم المشركون فقال بعضهم فما موقفنا هاهنا، وقال آخرون لا نخالف أمر الرسول فثبت مكانه أميرهم في نفر دون العشرة ونفر الباقون للنهب وهو المعني بقوله: وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَراكُمْ مَّا تُحِبُّونَ من الظفر والغنيمة وانهزام العدو، وجواب إذا محذوف وهو امتحنكم، مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وهم التاركون المركز للغنيمة.

وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وهم الثابتون محافظة على أمر الرسول عليه السلام. ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ثم كفكم عنهم حتى حالت الحال فغلبوكم. لِيَبْتَلِيَكُمْ على المصائب ويمتحن ثباتكم على الإِيمان عندها. وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ تفضلاً ولما علم من ندمكم على المخالفة. وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يتفضل عليهم بالعفو، أو في الأحوال كلها سواء أديل لهم أو عليهم إذ الابتلاء أيضاً رحمة.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٥٣]]

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣)

إِذْ تُصْعِدُونَ متعلق بصرفكم، أو ليبتليكم أو بمقدر كاذكروا. والإِصعاد الذهاب والإِبعاد في الأرض يقال: أصعدنا من مكة إلى المدينة. وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ لا يقف أحد لأحد ولا ينتظره. وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ كان يقول إليَّ عباد الله إليَّ عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة. فِي أُخْراكُمْ في ساقتكم أو جماعتكم الأخرى فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ عطف على صرفكم، والمعنى فجازاكم الله عن فشلكم وعصيانكم غماً متصلاً بغم، من الاغتمام بالقتل والجرح وظفر المشركين والإِرجاف بقتل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو فجازاكم غماً بسبب غم أذقتموه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعصيانكم له. لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ لتتمرنوا على الصبر في الشدائد فلا تحزنوا فيما بعد على نفع فائت ولا ضر لاحق. وقيل لا مزيدة والمعنى لتأسفوا على مَا فَاتَكُمْ من الظفر والغنيمة وعلى ما أصابكم من الجرح والهزيمة عقوبة لكم. وقيل الضمير في فأثابكم للرسول صلّى الله عليه وسلّم أي فآساكم في الاغتمام فاغتم بما نزل عليكم، كما اغتممتم بما نزل عليه ولم يثر بكم على عصيانكم تسلية لكم كيلا تحزنوا على مَا فَاتَكُمْ من النصر ولا على ما أصابكم من الهزيمة وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ عليم بأعمالكم وبما قصدتم بها.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٥٤]]

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَّا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤)

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً أنزل الله عليكم الأمن حتى أخذكم النعاس، وعن أبي طلحة غشينا النعاس في المصاف حتى كان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه، ثم يسقط فيأخذه. والأمنة الأمن

<<  <  ج: ص:  >  >>