أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم من قيام الساعة، أو إهلاك الله تعالى إياهم كما فعل يوم بدر استهزاءً وتكذيباً، ويقولون إن صح ما تقوله فالأصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت، والمعنى أن الأمر الموعود به بمنزلة الآتي المتحقق من حيث إنه واجب الوقوع، فلا تستعجلوا وقوعه فإنه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تبرأ وجل عن أن يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على وفق قوله: فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ والباقون بالياء على تلوين الخطاب، أو على أن الخطاب للمؤمنين أو لهم ولغيرهم، لما
روي أنه لما نزلت أتى أمر الله فوثب النبي صلّى الله عليه وسلّم ورفع الناس رؤوسهم فنزلت
يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ بالوحي أو القرآن، فإنه يحيي به القلوب الميتة بالجهل، أو يقوم في الدين مقام الروح في الجسد، وذكره عقيب ذلك إشارة إلى الطريق الذي به علم الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما تحقق موعدهم به ودنوه وإزاحة لاستبعادهم اختصاصه بالعلم به. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ينزل من أنزل، وعن يعقوب مثله وعنه «تنزل» بمعنى تتنزل. وقرأ أبو بكر «تنزل» على المضارع المبني للمفعول من التنزيل. مِنْ أَمْرِهِ بأمره أو من أجله. عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أن يتخذه رسولاً. أَنْ أَنْذِرُوا بأن أنذروا أي اعلموا من نذرت بكذا إذا علمته. أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ أن الشأن لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ، أو خوفوا أهل الكفر والمعاصي بأنه لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وقوله فَاتَّقُونِ رجوع إلى مخاطبتهم بما هو المقصود، وأَنْ مفسرة لأن الروح بمعنى الوحي الدال على القول، أو مصدرية في موضع الجر بدلاً من الروح أو النصب بنزع الخافض، أو مخففة من الثقيلة. والآية تدل على أن نزول الوحي بواسطة الملائكة وأن حاصله التنبيه على التوحيد الذي هو منتهى كمال القوة العلمية، والأمر بالتقوى الذي هو أقصى كمال القوة العملية. وأن النبوة عطائية والآيات التي بعدها دليل على وحدانيته من حيث إنها تدل على أنه تعالى هو الموجد لأصول العالم وفروعه على وفق الحكمة والمصلحة، ولو كان له شريك لقدر على ذلك فيلزم التمانع.