للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَمْ منقطعة والهاء ل ما يُوحى. قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ في البيان وحسن النظم تحداهم أولاً بعشر سور ثم لما عجزوا عنها سهل الأمر عليهم وتحداهم بسورة، وتوحيد المثل باعتبار كل واحدة. مُفْتَرَياتٍ مختلقات من عند أنفسكم إن صح أني اختلقته من عند نفسي فإنكم عرب فصحاء مثلي تقدرون على مثل ما أقدر عليه بل أنتم أقدر لتعلمكم القصص والأشعار وتعودكم القريض والنظم.

وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلى المعاونة على المعارضة. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أنه مفترى فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ بإتيان ما دعوتم إليه، وجمع الضمير إما لتعظيم الرسول صلّى الله عليه وسلّم أو لأن المؤمنين كانوا أيضاً يتحدونهم، وكان أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم متناولاً لهم من حيث إنه يجب أتباعه عليهم في كل أمر إلا ما خصه الدليل، وللتنبيه على أن التحدي مما يوجب رسوخ إيمانهم وقوة يقينهم فلا يغفلون عنه ولذلك رتب عليه قوله: فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ملتبساً بما لا يعلمه إلا الله ولا يقدر عليه سواه. وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ واعلموا أن لا إله إلا الله لأنه العالم القادر بما لا يعلم ولا يقدر عليه غيره، ولظهور عجز آلهتهم ولتنصيص هذا الكلام الثابت صدقة بإعجازه عليه، وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من بأس الله آلهتهم. فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ثابتون على الإسلام راسخون فيه مخلصون إذا تحقق عندكم إعجازه مطلقاً، ويجوز أن يكون الكل خطاباً للمشركين والضمير في فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لمن استطعتم أي فإن لم يستجيبوا لكم إلى المظاهرة لعجزهم وقد عرفتم من أنفسكم القصور عن المعارضة فاعلموا أنه نظم لا يعلمه إلا الله، وأنه منزل من عنده وأن ما دعاكم إليه من التوحيد حق فهل أنتم داخلون في الإِسلام بعد قيام الحجة القاطعة، وفي مثل هذا الاستفهام إيجاب بليغ لما فيه من معنى الطلب والتنبيه على قيام الموجب وزوال العذر.

[سورة هود (١١) : الآيات ١٥ الى ١٦]

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لاَ يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها بإحسانه وبره. نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها نوصل إليهم جزاء أعمالهم في الدنيا من الصحة والرئاسة وسعة الرزق وكثرة الأولاد. وقرئ «يوف» بالياء أي يوف الله و «توف» على البناء للمفعول و «نُوَفّ» بالتخفيف والرفع لأن الشرط ماض كقوله:

وَإِنْ أَتَاهُ كَرِيمٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ ... يقول لا غائب مالي وَلاَ حَرَمُ

وَهُمْ فِيها لاَ يُبْخَسُونَ لا ينقصون شيئاً من أجورهم. والآية في أهل الرياء. وقيل في المنافقين. وقيل في الكفرة وغرضهم وبرهم.

أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ مطلقاً في مقابلة ما عملوا لأنهم استوفوا ما تقتضيه صور أعمالهم الحسنة وبقيت لهم أوزار العزائم السيئة. وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها لأنه لم يبق لهم ثواب في الآخرة، أو لم يكن لأنهم لم يريدوا به وجه الله والعمدة في اقتضاء ثوابها هو الإِخلاص، ويجوز تعليق الظرف ب صَنَعُوا على أن الضمير ل الدُّنْيا. وَباطِلٌ في نفسه. مَا كانُوا يَعْمَلُونَ لأنه لم يعمل على ما ينبغي، وكأن كل واحدة من الجملتين علة لما قبلها. وقرئ «باطلاً» على أنه مفعول يعملون وما إبهامية أو في معنى المصدر كقوله:

وَلاَ خَارِجاً مِنْ فيَّ زُور كَلاَمِ وبطل على الفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>