[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣)
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ نزلت في مؤمني أهل الكتاب، وقيل في أربعين من أهل الانجيل اثنان وثلاثون جاءوا مع جعفر من الحبشة وثمانية من الشام، والضمير في مِنْ قَبْلِهِ للقرآن كالمستكن في:
وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ أي بأنه كلام الله تعالى. إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا استئناف لبيان ما أوجب إيمانهم به. إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ استئناف آخر للدلالة على أن إيمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذٍ، وإنما هو أمر تقادم عهده لما رأوا ذكره في الكتب المتقدمة وكونهم على دين الإِسلام قبل نزول القرآن، أو تلاوته عليهم باعتقادهم صحته في الجملة.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥٤ الى ٥٥]
أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥)
أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ مرة على إيمانهم بكتابهم ومرة على إيمانهم بالقرآن. بِما صَبَرُوا بصبرهم وثباتهم على الإِيمانين، أو على الإِيمان بالقرآن قبل النزول وبعده، أو على أذى المشركين ومن هاجرهم من أهل دينهم. وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ويدفعون بالطاعة المعصية
لقوله صلّى الله عليه وسلّم «أتبع السيئة الحسنة تمحها» .
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ في سبيل الخير.
وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ تكرماً. وَقالُوا للاغين. لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ متاركة لهم وتوديعاً، أو دعاء لهم بالسلامة عما هم فيه. لاَ نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ لا نطلب صحبتهم ولا نريدها.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٥٧)
إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ لا تقدر على أن تدخلهم في الإِسلام. وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فيدخله في الإِسلام. وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بالمستعدين لذلك. والجمهور على
أنها نزلت في أبي طالب فإنه لما احتضر جاءه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، قال: يا ابن أخي قد علمت إنك لصادق ولكن أكره أن يقال خدع عند الموت.
وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا نخرج منها. نزلت في الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف، أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: نحن نعلم أنك على الحق ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب وإنما نحن أكلة رأس أن يتخطفونا من أرضنا فرد الله عليهم بقوله: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً أو لم نجعل مكانهم حرماً ذا أمن بحرمة البيت الذي فيه يتناحر العرب حوله وهم آمنون فيه. يُجْبى إِلَيْهِ يحمل إليه ويجمع فيه، وقرأ نافع ويعقوب في رواية بالتاء. ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ من كل أوب. رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا فإذا كان هذا حالهم وهم عبدة الأصنام فكيف نعرضهم للتخوف والتخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ جهلة لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموه، وقيل إنه متعلق بقوله مِنْ لَدُنَّا أي قليل منهم يتدبرون فيعلمون أن ذلك رزق من عند الله، وأكثرهم لا يعلمون إذ لو علموا لما خافوا غيره، وانتصاب رِزْقاً على المصدر من معنى يُجْبى، أو حال من ال ثَمَراتُ لتخصصها بالإِضافة، ثم بين أن الأمر