حجارة وريح وأمطار شديدة.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩) يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠)
إِنْ كانَتْ ما كانت الأخذة أو العقوبة. إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً صاح بها جبريل عليه السلام، وقرئت بالرفع على كان التامة. فَإِذا هُمْ خامِدُونَ ميتون، شبهوا بالنار رمزاً إلى أن الحي كالنار الساطعة والميت كرمادها كما قال لبيد:
وَمَا المَرْءُ إِلاَّ كَالشّهَابِ وَضَوْئِه ... يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ
يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ تعالي فهذه من الأحوال التي من حقها أن تحضري فيها، وهي ما دل عليها:
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ فإن المستهزئين بالناصحين المخلصين المنوط بنصحهم خير الدارين أحقاء بأن يتحسروا ويتحسر عليهم، وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين، ويجوز أن يكون تحسراً من الله عليهم على سبيل الاستعارة لتعظيم ما جنوه على أنفسهم ويؤيده قراءة يا حَسْرَتى ونصبها لطولها بالجار المتعلق بها، وقيل بإضمار فعلها والمنادى محذوف، وقرئ «يا حسرة العباد» بالإِضافة إلى الفاعل أو المفعول، و «يا حسرة» بالهاء على العباد بإجراء الوصل مجرى الوقف.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٣١ الى ٣٢]
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢)
أَلَمْ يَرَوْا ألم يعلموا وهو معلق عن قوله: كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ لأن كَمْ لا يعمل فيها ما قبلها وإن كانت خبرية لأن أصلها الاستفهام. أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ بدل من كَمْ على المعنى أي ألم يروا كثرة إهلاكنا من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم، وقرئ بالكسر على الاستئناف.
وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ يوم القيامة للجزاء، وإِنْ مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة و «ما» مزيدة للتأكيد، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة لَمَّا بالتشديد بمعنى إلا فتكون إن نافية وجميع فعيل بمعنى مفعول، ولَدَيْنا ظرف له أو ل مُحْضَرُونَ.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]
وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤)
وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ وقرأ نافع بالتشديد. أَحْيَيْناها خبر ل الْأَرْضُ، والجملة خبر آيَةٌ أو صفة لها إذ لم يرد بها معينة وهي الخبر أو المبتدأ والآية خبرها، أو استئناف لبيان كونها آيَةٌ. وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا جنس الحب. فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ قدم الصلة للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به.
وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ من أنواع النخل والعنب، ولذلك جمعهما دون الحب فإن الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الأنواع، وذكر النخيل دون التمور ليطابق الحب والأعناب لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع. وَفَجَّرْنا فِيها وقرئ بالتخفيف، والفجر والتفجير كالفتح والتفتيح لفظاً ومعنى. مِنَ الْعُيُونِ أي شيئاً من العيون، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، أو الْعُيُونِ ومِنْ مزيدة عند الأخفش.