للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا لم يشكوا من ارتاب مطاوع رابه إذا أوقعه في الشك مع التهمة، وفيه إشارة إلى ما أوجب نفي الإِيمان عنهم، وثُمَّ للإشعار بأن اشتراط عدم الارتياب في اعتبار الإِيمان ليس حال الإِيمان فقط بل فيه وفيما يستقبل فهي كما في قوله: ثُمَّ اسْتَقامُوا. وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ في طاعته والمجاهدة بالأموال والأنفس تصلح للعبادات المالية والبدنية بأسرها. أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذين صدقوا في إدعاء الإِيمان.

قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ أتخبرونه به بقولكم آمَنَّا. وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يخفى عليه خافية، وهو تجهيل لهم وتوبيخ.

روي أنه لما نزلت الآية المتقدمة جاءوا وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون فنزلت هذه الآية.

[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ١٧ الى ١٨]

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا يعدون إسلامهم عليك منة وهي النعمة التي لا يستثيب موليها ممن بذلها إليه، من المن بمعنى القطع لأن المقصود بها قطع حاجته. وقيل النعمة الثقيلة من المن. قُلْ لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ أي بإسلامكم، فنصب بنزع الخافض أو تضمين الفعل معنى الاعتدال. بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ على ما زعمتم مع أن الهداية لا تستلزم الاهتداء، وقرئ «إن هَداكُمْ» بالكسر و «إِذْ هَداكُمْ» .

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في ادعاء الإِيمان، وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله أي فلله المنة عليكم، وفي سياق الآية لطف وهو أنهم لما سموا ما صدر عنهم إيماناً ومنوا به فنفى أنه إيماٌن وسماه إسلاماً بأن قال يمنون عليكم بما هو في الحقيقة إسلام وليس بجدير أن يمن به عليك، بل لو صح ادعاؤهم للإِيمان فلله المنة عليهم بالهداية له لا لهم.

إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ما غاب فيهما. وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ في سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم، وقرأ ابن كثير بالياء لما في الآية من الغيبة.

عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من قرأ سورة الحجرات أعطي من الأجر بعدد من أطاع الله وعصاه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>