للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي أي تأجر نفسك مني أو تكون لي أجيراً، أو تثيبني من أجرك الله. ثَمانِيَ حِجَجٍ ظرف على الأولين ومفعول به على الثالث بإضمار مضاف أي رعية ثماني حجج. فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً عملت عشر حجج. فَمِنْ عِنْدِكَ فإتمامه من عندك تفضلاً لا من عندي إلزاما عليك. وهذا استدعاء العقد لا نفسه، فلعله جرى على أجرة معينة وبمهر آخر أو برعية الأجل الأول ووعد له أن يوفي الأخير إن تيسر له قبل العقد، وكانت الأغنام للمزوجة مع أنه يمكن اختلاف الشرائع في ذلك. وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ بإلزام إتمام العشر أو المناقشة في مراعاة الأوقات واستيفاء الأعمال، واشتقاق المشقة من الشق فإن ما يصعب عليك يشق عليك اعتقادك في إطاقته ورأيك في مزاولته. سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالمعاهدة.

قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أي ذلك الذي عاهدتني فيه قائم بيننا لا نخرج عنه. أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ أطولهما أو أقصرهما. قَضَيْتُ وفيتك إياه. فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ لا تعتدي علي بطلب الزيادة فكما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثمان، أو فلا أكون متعدياً بترك الزيادة عليه كقولك لا إثم علي، وهو أبلغ في إثبات الخيرة وتساوي الأجلين في القضاء من أن يقال إن قضيت الأقصر فلا عدوان علي. وقرئ «أَيَّمَا» كقوله:

تَنَظَّرْت نَصْراً وَالسماكين أَيُّمَا ... عَليَّ مِنَ الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مَوَاطِرُه

وأي الأجلين ما قضيت فتكون ما مزيدة لتأكيد الفعل أي: أي الأجلين جردت عزمي لقضائه، وعدوان بالكسر. وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ من المشارطة. وَكِيلٌ شاهد حفيظ.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٢٩]]

فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩)

فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ بامرأته. روي أنه قضى أقصى الأجلين ومكث بعد ذلك عنده عشراً أخرى ثم عزم على الرجوع. آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَاراً أبصر من الجهة التي تلي الطور. قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ بخبر الطريق. أَوْ جَذْوَةٍ عود غليظ سواء كان في رأسه نار أو لم يكن.

قال:

بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنُ لَهَا ... جَزلَ الجذى غَيْرَ خوارٍ وَلاَ دَعِرٍ

وقال آخر:

وَأَلْقَى عَلى قَبس مِنْ النَّارِ جَذْوَة ... شَدِيداً عَلَيْهِ حَرُّهَا وَالتِهَابُهَا

ولذلك بينه بقوله: مِنَ النَّارِ وقرأ عاصم بالفتح وحمزة بالضم وكلها لغات. لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ تستدفئون بها.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٣٠ الى ٣١]

فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١)

<<  <  ج: ص:  >  >>