بهم الآن لإِحاطة الكفر والمعاصي التي توجبها بهم، واللام للعهد على وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على موجب الإِحاطة، أو للجنس فيكون استدلالاً بحكم الجنس على حكمهم.
يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ ظرف لَمُحِيطَةٌ أو مقدر مثل كان كيت وكيت. مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ من جميع جوانبهم. وَيَقُولُ الله أو بعض ملائكته بأمره لقراءة ابن كثير وابن عامر والبصريين بالنون. ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي جزاءه.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧)
يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
أي إذا لم يتسهل لكم العبادة في بلدة ولم يتيسر لكم إظهار دينكم فهاجروا إلى حيث يتمشى لكم ذلك،
وعنه عليه الصلاة والسلام: «من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبراً استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام» .
والفاء جواب شرط محذوف إذ المعنى إن أرضي واسعة إن لم تخلصوا العبادة لي في أرض فأخلصوها في غيرها.
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ تناله لا محالة. ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ للجزاء ومن هذا عاقبته ينبغي أن يجتهد في الاستعداد له وقرأ أبو بكر بالياء.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم. مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً علالي، وقرأ حمزة والكسائي «لنثوينهم» أي لنقيمنهم من الثواء فيكون انتصاب غرفاً لإجرائه مجرى لننزلنهم، أو بنزع الخافض أو تشبيه الظرف المؤقت بالمبهم. تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ وقرئ «فنعم» والمخصوص بالمدح محذوف دل عليه ما قبله.
الَّذِينَ صَبَرُوا على أذية المشركين والهجرة للدين إلى غير ذلك من المحن والمشاق. وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ولا يتوكلون إلا على الله.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٦٠ الى ٦١]
وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١)
وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا لا تطيق حمله لضعفها أو لا تدخره، وإنما تصبح ولا معيشة عندها.
اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله، لأن رزق الكل بأسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا على معاشكم بالهجرة، فإنهم لما أمروا بالهجرة قال بعضهم كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت. وَهُوَ السَّمِيعُ لقولكم هذا. الْعَلِيمُ بضميركم.
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ المسؤول عنهم أهل مكة. لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لما تقرر في العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود. فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ يصرفون عن توحيده بعد إقرارهم بذلك.