ومعنى إخوتهم اتفاقهم في النسب أو المذهب إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ إذا سافروا فيها وأبعدوا للتجارة أو غيرها، وكان حقه إذ لقوله قالوا لكنه جاء على حكاية الحال الماضية أَوْ كانُوا غُزًّى جمع غاز كعاف وعفَّى. لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا مفعول قالوا وهو يدل على أن إخوانهم لم يكونوا مخاطبين به.
لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ متعلق ب قالُوا على إن اللام لام العاقبة مثلها في لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً، أو لا تكونوا أي لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول والاعتقاد ليجعله حسرة في قلوبهم خاصة، فذلك إشارة إلى ما دل عليه قولهم من الاعتقاد. وقيل إلى ما دل عليه النهي أي لا تكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم، فإن مخالفتهم ومضادتهم مما يغمهم. وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ رداً لقولهم أي هو المؤثر في الحياة والممات لا الإِقامة والسفر فإنه تعالى قد يحيي المسافر والغازي ويميت المقيم والقاعد. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ تهديد للمؤمنين على أن يماثلوهم. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء على أنه وعيد للذين كفروا.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٥٧ الى ١٥٨]
وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)
وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ أي متم في سبيله وقرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر الميم من مات يمات. لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ جواب القسم وهو ساد مسد الجزاء والمعنى: إن السفر والغزو ليس مما يجلب الموت ويقدم الأجل وإن وقع ذلك في سبيل الله فما تنالون من المغفرة والرحمة بالموت خير مما تجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم تموتوا. وقرأ حفص بالياء.
وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ أي على أي وجه اتفق هلاككم. لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ لإلى معبودكم الذي توجهتم إليه. وبذلتم مهجكم لوجهه لا إلى غيره لا محالة تحشرون، فيوفي جزاءكم ويعظم ثوابكم. وقرأ نافع وحمزة والكسائي متم بالكسر.
[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٥٩]]
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ أي فبرحمة، وما مزيدة للتأكيد والتنبيه والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله وهو ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق بهم حتى اغتم لهم بعد أن خالفوه. وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا سيّئ الخلق جافياً. غَلِيظَ الْقَلْبِ قاسيه. لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ لتفرقوا عنك ولم يسكنوا إليك. فَاعْفُ عَنْهُمْ فيما يختص بك. وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ فيما لله. وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه، أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهاراً برأيهم وتطييباً لنفوسهم وتمهيداً لسنة المشاورة للأمة. فَإِذا عَزَمْتَ فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى. فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك، فإنه لا يعلمه سواه. وقرئ «فَإِذَا عَزَمْتَ» ، على التكلم أي فإذا عزمت لك على شيء وعينته لك فَتَوَكَّلْ عَلَى الله ولا تشاور فيه أحداً. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ فينصرهم ويهديهم إلى الصلاح.
[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٠]]
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ كما نصركم يوم بدر. فَلا غالِبَ لَكُمْ فلا أحد يغلبكم. وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ كما خذلكم يوم أحد. فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ من بعد خذلانه، أو من بعد الله بمعنى إذا جاوزتموه فلا