[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٢ الى ١١٤]
قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤)
قالَ أي الله أو الملك المأمور بسؤالهم، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي على الأمر للملك أو لبعض رؤساء أهل النار. كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ أحياء أو أمواتاً في القبور. عَدَدَ سِنِينَ تمييز لكم.
قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ استقصاراً لمدة لبثهم فيها بالنسبة إلى خلودهم في النار، أو لأنها كانت أيام سرورهم وأيام السرور قصار، أو لأنها منقضية والمنقضي في حكم المعدوم. فَسْئَلِ الْعادِّينَ الذين يتمكنون من عد أيامها إن أردت تحقيقها فإنا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكرها وإحصائها، أو الملائكة الذين يعدون أعمار الناس ويحصون أعمالهم. وقرئ «العادين» بالتخفيف أي الظلمة فإنهم يقولون ما نقول، و «العاديين» أي القدماء المعمرين فإنهم أيضاً يستقصرون.
قالَ وفي قراءة حمزة والكسائي «قل» . إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ تصديق لهم في مقالهم.
[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١١٥]]
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لاَ تُرْجَعُونَ (١١٥)
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً توبيخ على تغافلهم، وعَبَثاً حال بمعنى عابثين أو مفعول له أي: لم نخلقكم تلهياً بكم وإنما خلقناكم لنتعبدكم ونجازيكم على أعمالكم وهو كالدليل على البعث. وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لاَ تُرْجَعُونَ معطوف على أَنَّما خَلَقْناكُمْ أو عَبَثاً، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب بفتح التاء وكسر الجيم.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٦ الى ١١٧]
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لاَ بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧)
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الذي يحق له الملك مطلقاً فإن من عداه مملوك بالذات مالك بالعرض من وجه دون وجه وفي حال دون حال. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فإن ما عداه عبيد له. رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ الذي يحيط بالأجرام وينزل منه محكمات الأقضية والأحكام، ولذلك وصفه بالكرم أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين.
وقرئ بالرفع على أنه صفة الرب.
وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ يعبده إفراداً أو إشراكاً. لاَ بُرْهانَ لَهُ بِهِ صفة أخرى ل إِلهاً لازمة له فإن الباطل لا برهان به، جيء بها للتأكيد وبناء الحكم عليه تنبيهاً على أن التدين بما لا دليل عليه ممنوع فضلاً عما دل الدليل على خلافه، أو اعتراض بين الشرط والجزاء لذلك: فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ فهو مجاز له مقدار ما يستحقه. إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ إن الشأن وقرئ بالفتح على التعليل أو الخبر أي حسابه عدم الفلاح. بدأ السورة بتقرير فلاح المؤمنين وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين، ثم أمر رسوله بأن يستغفره ويسترحمه فقال:
[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١١٨]]
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.
عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «من قرأ سورة المؤمنين بشرته الملائكة بالروح والريحان وما تقر به عينه عند نزول ملك الموت» .
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «لقد أنزلت عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى ختم العشر» .
وروي «أن أولها وآخرها من كنوز الجنة، من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع من آخرها فقد نجا وأفلح» .