للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَاطِفُونَ تَحِينَ لاَ مِنْ عَاطِف ... وَالُمْطعُمونَ زَمَانَ مَا مِنْ مُطْعمِ

والمناص المنجا من ناصه ينوصه إذا فاته.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٤ الى ٥]

وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥)

وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ بشر مثلهم أو أمي من عدادهم. وَقالَ الْكافِرُونَ وضع فيه الظاهر موضع الضمير غضباً عليهم وذماً لهم، وإشعاراً بأن كفرهم جسرهم على هذا القول. هذا ساحِرٌ فِيمَا يظهره معجزة. كَذَّابٌ فيما يقوله على الله تعالى.

أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً بأن جعل الألوهية التي كانت لهم لواحد. إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا، وما نشاهده من أن الواحد لا يفي علمه وقدرته بالأشياء الكثيرة، وقرئ مشدداً وهو أبلغ ككرام وكرام.

وروي أنه لما أسلم عمر رضي الله عنه شق ذلك على قريش، فأتوا أبا طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنا جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فاستحضر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل عليهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ماذا يسألونني، فقالوا: ارفضنا وارفض ذكر، آلهتنا وندعك وإلهك، فقال: «أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطي أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم» ، فقالوا: نعم وعشراً، فقال: «قولوا لا إله إلا الله» ، فقالوا وقالوا ذلك.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٦ الى ٧]

وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) مَّا سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧)

وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ وانطلق أشراف قريش من مجلس أبي طالب بعد ما بكتهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم. أَنِ امْشُوا قائلين بعضهم لبعض امْشُوا. وَاصْبِرُوا واثبتوا. عَلى آلِهَتِكُمْ على عبادتها فلا ينفعكم مكالمته، وأَنِ هي المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التقاول يشعر بالقول. وقيل المراد بالانطلاق الاندفاع في القول، وامْشُوا من مشت المرأة إذا كثرت أولادها ومنه الماشية أي اجتمعوا، وقرئ بغير أَنِ وقرئ «يمشون أن اصبروا» . إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ إن هذا الأمر لشيء من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له، أو أن هذا الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرئاسة، والترفع على العرب والعجم لشيء يتمنى أو يريده كل أحد، أو أن دينكم لشيء يطلب ليؤخذ منكم.

مَّا سَمِعْنا بِهذا بالذي يقوله. فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ في الملة التي أدركنا عليها آباءنا، أو في ملة عيسى عليه الصلاة والسلام التي هي آخر الملل فإن النصارى يثلثون. ويجوز أن يكون حالاً من هذا أي ما سمعنا مِنْ أَهْلِ الكتاب وَلاَ الكهان بالتوحيد كائناً في الملة المترقبة. إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ كذب اختلقه.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٨ الى ٩]

أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩)

أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا إنكار لاختصاصه بالوحي وهو مثلهم أو أدون منهم في الشرف والرئاسة كقولهم لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ وأمثال ذلك دليل على أن مبدأ تكذيبهم لم يكن إلا الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي. بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي من القرآن أو الوحي لميلهم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>