فوضع الظاهر موضع الضمير للدلالة على ما اقتضى أن تكون تلك عاقبتهم وأنهم جاءوا بمثل أفعالهم، والسُّواى تأنيث الأسوأ كالحسنى أو مصدر كالبشرى نعت به. أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ علة أو بدل أو عطف بيان ل السُّواى، أو خبر كان والسُّواى مصدر أساؤوا أو مفعوله بمعنى، ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الذين اقترفوا الخطيئة أن طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ حتى كذبوا بآيات الله واستهزءوا بها، ويجوز أن تكون السُّواى صلة الفعل وأَنْ كَذَّبُوا تابعها والخبر محذوف للإبهام والتهويل، وأن تكون أَنْ مفسرة لأن الإِساءة إذا كانت مفسرة بالتكذيب والاستهزاء كانت متضمنة معنى القول، وقرأ ابن عامر والكوفيون عاقِبَةَ بالنصب على أن الاسم السُّواى وأَنْ كَذَّبُوا على الوجوه المذكورة.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ١١ الى ١٢]
اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢)
اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ينشئهم. ثُمَّ يُعِيدُهُ يبعثهم. ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ للجزاء والعدول إلى الخطاب للمبالغة في المقصود، وقرأ أبو بكر وأبو عمرو وروح بالياء على الأصل.
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ يسكتون متحرين آيسين يقال ناظرته فأبلس إذا سكت وآيس من أن يحتج ومنه الناقة المبلاس التي لا ترغو، وقرئ بفتح اللام من أبلسه إذا أسكته.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ١٣ الى ١٤]
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤)
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ ممن أشركوهم بالله. شُفَعاءُ يجيرونهم من عذاب الله، ومجيئه بلفظ الماضي لتحققه. وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ يكفرون بآلهتهم حين يئسوا منهم، وقيل كانوا في الدنيا كافرين بسببهم، وكتب في المصحف شفعواء وعلمواء بني إسرائيل بالواو وكذا السُّواى بالألف إثباتاً للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها.
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ أي المؤمنون والكافرون لقوله تعالى:
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ١٥ الى ١٦]
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ أرض ذات أزهار وأنهار. يُحْبَرُونَ يسرون سرورا تهللت له وجوههم.
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ مدخلون لا يغيبون عنه.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ١٧ الى ١٨]
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ إخبار في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى والثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته وتتجدد فيها نعمته، أو دلالة على أن ما يحدث فيها من الشواهد الناطقة بتنزهه واستحقاقه الحمد ممن له تمييز من أهل السموات والأرض، وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لأن آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر، وتخصيص الحمد بالعشي الذي هو آخر النهار من عشى العين إذا نقص نورها والظهيرة التي هي وسطه لأن تجدد النعم فيهما أكثر،