واستغفر منه على عادتهم في استعظام محقرات فرطت منهم. إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٦ الى ١٧]
قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧)
قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي بقتله. فَاغْفِرْ لِي ذنبي. فَغَفَرَ لَهُ لاستغفاره. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ لذنوب عباده. الرَّحِيمُ بهم.
قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ قسم محذوف الجواب أي أقسم بإنعامك علي بالمغفرة وغيرها لأتوبن.
فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ أو استعطاف أي بحق إنعامك على أعصمني فلن أكون معيناً لمن أدت معاونته إلى جرم. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه لم يستثن فابتلي به مرة أخرى، وقيل معناه بما أنعمت علي من القوة أعين أولياءك فلن أستعملها في مظاهرة أعدائك.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٨ الى ١٩]
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يَا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ يترصد الاستقادة. فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ يستغيثه مشتق من الصراخ. قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ بين الغواية لأنك تسببت لقتل رجل وتقاتل آخر.
فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما لموسى والإِسرائيلي لأنه لم يكن على دينهما ولأن القبط كانوا أعداء لبني إسرائيل. قالَ يَا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ قاله الإِسرائيلي لأنه لما سماه غوياً ظن أنه يبطش عليه، أو القبطي وكأنه توهم من قوله أنه الذي قتل القبطي بالأمس لهذا الإسرائيلي.
إِنْ تُرِيدُ ما تريد. إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ تطاول على الناس ولا تنظر في العواقب. وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ بين الناس فتدفع التخاصم بالتي هي أحسن، ولما قال هذا انتشر الحديث وارتقى إلى فرعون وملئه وهموا بقتله فخرج مؤمن آل فرعون وهو ابن عمه ليخبره كما قال تعالى:
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢٠ الى ٢٢]
وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يَا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢)
وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى يسرع صفة رجل، أو حال منه إذا جعل من أقصى المدينة صفة له لا صلة لجاء لأن تخصيصه بها يلحقه بالمعارف. قالَ يَا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ يتشاورون بسببك، وإنما سمي التشاور ائتماراً لأن كلاً من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر. فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ اللام للبيان وليس صلة ل النَّاصِحِينَ لأن معمول الصلة لا يتقدم الموصول.
فَخَرَجَ مِنْها من المدينة. خائِفاً يَتَرَقَّبُ لحوق طالب. قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ خلصني منهم واحفظني من لحوقهم.
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قبالة مدين قرية شعيب، سميت باسم مدين بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ولم تكن في سلطان فرعون وكان بينها وبين مصر مسيرة ثمان. قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ توكلاً على الله وحسن ظن به، وكان لا يعرف الطريق فعن له ثلاث طرق فأخذ في أوسطها وجاء الطلاب