لتنكير المضاف كقول العجاج:
يَوْمَ تَرَى النُّفُوسُ مَا أَعَدَّت ... فِي سَعْيِ دُنْيَا طَالَما قَدْ مَدَّتْ
كأنه قيل إنما صنعوا كيد سحري. حَيْثُ أَتى حيث كان وأين أقبل.
[[سورة طه (٢٠) : آية ٧٠]]
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً أي فألقى فتلقفت فتحقق عند السحرة أنه ليس بسحر وإنما هو آية من آيات الله ومعجزة من معجزاته، فألقاهم ذلك على وجوههم سجداً لله توبة عما صنعوا وإعتاباً وتعظيماً لما رأوا. قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى قدم هارون لكبر سنه أو لروي الآية، أو لأن فرعون ربى موسى في صغره فلو اقتصر على موسى أو قدم ذكره لربما توهم أن المراد فرعون وذكر هارون على الاستتباع. روي أنهم رأوا في سجودهم الجنة ومنازلهم فيها.
[[سورة طه (٢٠) : آية ٧١]]
قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)
قالَ آمَنْتُمْ لَهُ أي لموسى واللام لتضمن الفعل معنى الاتباع. وقرأ قنبل وحفص آمَنْتُمْ لَهُ على الخبر والباقون على الاستفهام. قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ في الإِيمان له. إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ لعظيمكم في فنكم وأعلمكم به أو لأستاذكم. الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ وأنتم تواطأتم على ما فعلتم. فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ اليد اليمنى والرجل اليسرى، ومن ابتدائية كأن القطع ابتدأ من مخالفة العضو العضو وهي مع المجرور بها في حيز النصب على الحال، أي لأقطعنها مختلفات وقرئ «لأقطعن» «ولأصلبن» بالتخفيف.
وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ شبه تمكن المصلوب بالجذع بتمكن المظروف بالظرف وهو أول من صلب.
وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا يريد نفسه وموسى لقوله آمَنْتُمْ لَهُ واللام مع الإِيمان في كتاب الله لغير الله أراد به توضيع موسى والهزء به، فإنه لم يكن من التعذيب في شيء. وقيل رب موسى الذي آمنوا به. أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى وأدوم عقابا.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣)
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ لن نختارك. عَلى مَا جاءَنا موسى به، ويجوز أن يكون الضمير فيه لما. مِنَ الْبَيِّناتِ المعجزات الواضحات. وَالَّذِي فَطَرَنا عطف على ما جاءنا أو قسم. فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ ما أنت قاضيه أي صانعه أو حاكم به. إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا إنما تصنع ما تهواه، أو تحكم بما تراه في هذه الدنيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى فهو كالتعليل لما قبله والتمهيد لما بعده. وقرئ «تقضى هذه الحياة الدنيا» كقولك: صيم يوم الجمعة.
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا من الكفر والمعاصي. وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ من معارضة المعجزة. روي أنهم قالوا لفرعون أرنا موسى نائماً فوجدوه تحرسه العصا فقالوا ما هذا بسحر فإن الساحر إذا نام بطل سحره فأبى إلا أن يعارضوه. وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى جزاء أو خير ثواباً وأبقى عقاباً.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٤ الى ٧٦]
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)