أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ في البحر. تارَةً أُخْرى بخلق دواع تلجئكم إلى أن ترجعوا فتركبوه.
فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ لا تمر بشيء إلا قصفته أي كسرته. فَيُغْرِقَكُمْ وعن يعقوب بالتاء على إسناده إلى ضمير الرِّيحِ. بِما كَفَرْتُمْ بسبب إشراككم أو كفرانكم نعمة الإِنجاء. ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً مطالباً يتبعنا بانتصار أو صرف.
[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٧٠]]
وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠)
وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بحسن الصورة والمزاج الأعدل واعتدال القامة والتمييز بالعقل والإِفهام بالنطق والإِشارة والخط والتهدي، أو أسباب المعاش والمعاد والتسلط على ما في الأرض والتمكن من الصناعات وانسياق الأسباب والمسببات العلوية والسفلية إلى ما يعود عليهم بالمنافع إلى غير ذلك مما يقف الحصر دون إحصائه ومن ذلك ما ذكره ابن عباس وهو أن كل حيوان يتناول طعامه بفيه إلا الإنسان فإنه يرفعه إليه بيده وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ على الدواب والسفن من حملته حملا إذا جعلت له ما يركبه أو حملناهم فيهما حتى لم تخسف بهم الأرض ولم يغرقهم الماء وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ المستلذات مما يحصل بفعلهم وبغير فعلهم. وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا بالغلبة والاستيلاء أو بالشرف والكرامة، والمستثنى جنس الملائكة عليهم الصلاة والسلام أو الخواص منهم، ولا يلزم من عدم تفضيل الجنس عدم تفضيل بعض أفراده والمسألة موضع نظر، وقد أول الكثير بالكل وفيه تعسف.
[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٧١]]
يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١)
يَوْمَ نَدْعُوا نصب بإضمار اذكر أو ظرف لما دل عليه وَلا يُظْلَمُونَ، وقرئ «يدعو» و «يدعي» و «يدعو» على قلب الألف واواً في لغة من يقول أفعو في أفعى، أو على أن الواو علامة الجمع كما في قوله:
وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أو ضميره وكل بدل منه والنون محذوفة لقلة المبالاة بها فإنها ليست إلا علامة الرفع، وهو قد يقدر كما في «يدعي» . كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب أو دين. وقيل بكتاب أعمالهم التي قدموها فيقال يا صاحب كتاب كذا، أي تنقطع علقة الأنساب وتبقى نسبة الأعمال. وقيل بالقوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم. وقيل بأمهاتهم جمع أم كخف وخفاف، والحكمة في ذلك، إجلال عيسى عليه السلام وإظهار شرف الحسن والحسين رضي الله عنهما، وأن لا يفتضح أولاد الزنا. فَمَنْ أُوتِيَ من المدعوين. كِتابَهُ بِيَمِينِهِ أي كتاب عمله. فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ ابتهاجاً وتبجحاً بما يرون فيه. وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ولا ينقصون من أجورهم أدنى شيء، وجمع اسم الإشارة والضمير لأن من أوتي في معنى الجمع، وتعليق القراءة بإيتاء الكتاب باليمين يدل على أن مَنْ أُوتِىَ كتابه بِشِمَالِهِ إذا اطلع على ما فيه غشيهم من الخجل والحيرة ما يحبس ألسنتهم عن القراءة، ولذلك لم يذكرهم مع أن قوله:
[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٧٢]]
وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)
وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى أيضاً مشعر بذلك فإن الأعمى لا يقرأ الكتاب، والمعنى ومن كان في هذه الدنيا أعمى القلب لا يبصر رشده كان في الآخرة أعمى لا يرى طريق النجاة. وَأَضَلُّ سَبِيلًا منه في الدنيا لزوال الاستعداد وفقدان الآلة والمهلة. وقيل لأن الاهتداء بعد لا ينفعه والأعمى مستعار