للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سله لنا بدعائك إياه يُخْرِجْ لَنا يظهر ويوجد، وجزمه بأنه جواب فادع فإن دعوته سبب الإجابة.

مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ من الإِسناد المجازي، وإقامة القابل مقام الفاعل، ومن للتبعيض. مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها تفسير وبيان وقع موقع الحال، وقيل بدل بإعادة الجار. والبقل ما أنبتته الأرض من الخضر والمراد به أطايبه التي تؤكل، والفوم الحنطة ويقال للخبز ومنه فوموا لنا، وقيل الثوم وقرئ «قُثَّائها» بالضم، وهو لغة فيه. قالَ أي الله، أو موسى عليه السلام. أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى أقرب منزلة وأدون قدراً. وأصل الدنو القرب في المكان فاستعير للخسة كما استعير البعد للشرف والرفعة، فقيل بعيد المحل بعيد الهمة، وقرئ «أدنأ» من الدناءة. بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ يريد به المن والسلوى فإنه خير في اللذة والنفع وعدم الحاجة إلى السعي. اهْبِطُوا مِصْراً انحدروا إليه من التيه، يقال هبط الوادي إذا نزل به، وهبط منه إذا خرج منه، وقرئ بالضم والمصر البلد العظيم وأصله الحد بين الشيئين، وقيل أراد به العلم، وإنما صرفه لسكون وسطه أو على تأويل البلد، ويؤيده أنه غير منون في مصحف ابن مسعود. وقيل أصله مصرائيم فعرب. فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ أحيطت بهم إحاطة القبة بمن ضربت عليه، أو ألصقت بهم، من ضرب الطين على الحائط، مجازاة لهم على كفران النعمة. واليهود في غالب الأمر أذلاء مساكين، إما على الحقيقة أو على التكلف مخافة أن تضاعف جزيتهم. وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ رجعوا به، أو صاروا أحقاء بغضبه، من باء فلان بفلان إذا كان حقيقاً بأن يقتل به، وأصل البوء المساواة. ذلِكَ إشارة إلى ما سبق من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب. بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ بسبب كفرهم بالمعجزات، التي من جملتها ما عد عليهم من فلق البحر، وإظلال الغمام، وإنزال المن والسلوى، وانفجار العيون من الحجر. أو بالكتب المنزلة: كالإنجيل، والفرقان، وآية الرجم والتي فيها نعت محمد صلّى الله عليه وسلّم من التوراة، وقتلهم الأنبياء فإنهم قتلوا شعياء وزكريا ويحيى وغيرهم بغير الحق عندهم، إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم، وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى وحب الدنيا كما أشار إليه بقوله: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ أي: جرهم العصيان والتمادي والاعتداء فيه إلى الكفر بالآيات، وقتل النبيين. فإن صغار الذنوب سبب يؤدي إلى ارتكاب كبارها، كما أن صغار الطاعات أسباب مؤدية إلى تحري كبارها. وقيل كرر الإشارة للدلالة على أن ما لحقهم كما هو بسبب الكفر، والقتل فهو بسبب ارتكابهم المعاصي واعتدائهم حدود الله تعالى. وقيل الإشارة إلى الكفر والقتل، والباء بمعنى مع وإنما جوزت الإشارة بالمفرد إلى شيئين فصاعداً على تأويل ما ذكر، أو تقدم للإختصار، ونظيره في الضمير قول رؤبة يصف بقرة:

فِيها خُطُوطٌ مِنْ سَوادٍ وَبَلَق ... كأنهُ في الْجِلِد تَوْلِيعُ البَهقْ

والذي حسن ذلك أن تثنية المضمرات والمبهمات وجمعها وتأنيثها ليست على الحقيقة، ولذلك جاء الذي بمعنى الجمع.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٦٢]]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بألسنتهم، يريد به المتدينين بدين محمد صلّى الله عليه وسلّم المخلصين منهم والمنافقين، وقيل المنافقين لانخراطهم في سلك الكفرة وَالَّذِينَ هادُوا تهودوا، يقال هاد وتهود إذا دخل في اليهودية، ويهود:

إما عربي من هاد إذا تاب، سموا بذلك لما تابوا من عبادة العجل، وإما معرب يهوذا وكأنهم سموا باسم أكبر أولاد يعقوب عليه السلام وَالنَّصارى جمع نصران كندامى وندمان، والياء في نصراني للمبالغة كما في أحمري، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح عليه السلام، أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها نصران أو ناصرة فسموا باسمها، أو من اسمها. وَالصَّابِئِينَ قوم بين النصارى والمجوس. وقيل أصل دينهم دين نوح

<<  <  ج: ص:  >  >>