قتلهم. وَما رَمَيْتَ يا محمد رمياً توصله إلى أعينهم ولم تقدر عليه. إِذْ رَمَيْتَ أي إذ أتيت بصورة الرمي. وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى أتى بما هو غاية الرمي فأوصلها إلى أعينهم جميعاً حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم، وقد عرفت أن اللفظ يطلق على المسمى وعلى ما هو كماله والمقصود منه. وقيل معناه ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم. وقيل إنه نزل في طعنة طعن بها أبي بن خلف يوم أحد ولم يخرج منه دم فجعل يخور حتى مات. أو رمية سهم رماه يوم خيبر نحو الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق على فراشه، والجمهور على الأول. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وَلكِنَّ بالتخفيف ورفع ما بعده في الموضعين. وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً ولينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ومشاهدة الآيات فعل ما فعل. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لاستغاثتهم ودعائهم. عَلِيمٌ بنياتهم وأحوالهم.
ذلِكُمْ إشارة إلى البلاء الحسن، أو القتل أو الرمي، ومحله الرفع أي المقصود أو الأمر ذلكم وقوله:
وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ معطوف عليه أي المقصود إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وإبطال حيلهم.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو مُوهِنُ بالتشديد، وحفص مُوهِنُ كَيْدِ بالإِضافة والتخفيف.
[[سورة الأنفال (٨) : آية ١٩]]
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم، وذلك أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين. وَإِنْ تَنْتَهُوا عن الكفر ومعاداة الرسول فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لتضمنه سلامة الدارين وخير المنزلين. وَإِنْ تَعُودُوا لمحاربته.
نَعُدْ لنصرته عليكم. وَلَنْ تُغْنِيَ ولن تدفع. عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ جماعتكم. شَيْئاً من الإغناء أو المضار.
وَلَوْ كَثُرَتْ فئتكم. وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصر والمعونة. وقرأ نافع وابن عامر وحفص وَإِنْ بالفتح على تقدير ولأن الله مع المؤمنين كان ذلك. وقيل الآية خطاب للمؤمنين والمعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال والرغبة عما يستأثره الرسول فهو خير لكم وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار أو تهييج العدو، ولن تغني حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر فإنه مع الكاملين في إيمانهم ويؤيد ذلك.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ أي ولا تتولوا عن الرسول، فإن المراد من الآية الأمر بطاعته والنهي عن الإِعراض عنه، وذكر طاعة الله للتوطئة والتنبيه على أن طاعة الله في طاعة الرسول لقوله تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وقيل الضمير للجهاد أو للأمر الذي دل عليه الطاعة. وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق.
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا كالكفرة والمنافقين الذين ادعوا السماع. وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ سماعاً ينتفعون به فكأنهم لا يسمعون رأسا.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)