على إحسانه في عمله وإتقانه في عنفوان أمره.
[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٣]]
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ طلبت منه وتمحلت أن يواقعها، من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء ومنه الرائد. وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ قيل كانت سبعة والتشديد للتكثير أو للمبالغة في الإِيثاق.
وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ أي أقبل وبادر، أو تهيأت والكلمة على الوجهين اسم فعل بني على الفتح كأين واللام للتبيين كالتي في سقيا لك. وقرأ ابن كثير بالضم وفتح الهاء تشبيهاً له بحيث، ونافع وابن عامر بالفتح وكسر الهاء كعيط. وقرأ هشام كذلك إلا أنه يهمز. وقد روي عنه ضم التاء وهو لغة فيه. وقرئ «هَيْتَ» كجير و «هئت» كجئت من هاء يهئ إذا تهيأ وقرئ «هيئت» وعلى هذا فاللام من صلته. قالَ مَعاذَ اللَّهِ أعوذ بالله معاذاً. إِنَّهُ إن الشأن. رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ سيدي قطفير أحسن تعهدي إذ قال لك في أَكْرِمِي مَثْواهُ فما جزاؤه أن أخونه في أهله. وقيل الضمير لله تعالى أي إنه خالقي أحسن منزلتي بأن عطف على قلبه فلا أعصيه. إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ المجازون الحسن بالسيئ. وقيل الزناة فإن الزنا ظلم على الزاني والمزني بأهله.
[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٤]]
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها وقصدت مخالطته وقصد مخالطتها، والهم بالشيء قصده والعزم عليه ومنه الهمام وهو الذي إذا هم بالشيء أمضاه، والمراد بهمه عليه السلام ميل الطبع ومنازعة الشهوة لا القصد الاختياري، وذلك مما لا يدخل تحت التكليف بل الحقيق بالمدح والأجر الجزيل من الله من يكف نفسه عن الفعل عند قيام هذا الهم، أو مشارفة الهم كقولك قتلته لو لم أخف الله. لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ في قبح الزنا وسوء مغبته لخالطها لشبق الغلمة وكثرة المبالغة، ولا يجوز أن يجعل وَهَمَّ بِها جواب لَوْلا فإنها في حكم أدوات الشرط فلا يتقدم عليها جوابها، بل الجواب محذوف يدل عليه. وقيل رأى جبريل عليه الصلاة والسلام. وقيل تمثل له يعقوب عاضاً على أنامله. وقيل قطفير. وقيل نودي يا يوسف أنت مكتوب في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء.
كَذلِكَ أي مثل ذلك التثبيت ثبتناه، أو الأمر مثل ذلك. لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ خيانة السيد. وَالْفَحْشاءَ الزنا. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ الذين أخلصهم الله لطاعته. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بالكسر في كل القرآن إذا كان في أوله الألف واللام أي الذين أخلصوا دينهم لله.
[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٥]]
وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ مَا جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٥)
وَاسْتَبَقَا الْبابَ أي تسابقا إلى الباب، فحذف الجار أو ضمن الفعل معنى الابتدار. وذلك أن يوسف فرَّ منها ليخرج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج. وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ اجتذبته من ورائه فانقد قميصه والقد الشق طولاً والقط الشق عرضاً. وَأَلْفَيا سَيِّدَها وصادفا زوجها. لَدَى الْبابِ قالَتْ مَا جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ إيهاماً بأنها فرت منه تبرئة لساحتها عند زوجها وتغييره على يوسف وإغراءه به انتقاماً منه، وَمَا نافية أو استفهامية بمعنى أي شيء جزاءه إلا السجن.