أو لأن المراد به الحسنة أو السيئة. فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ في أخفى مكان وأحرزه كجوف صخرة أو أعلاه كمحدب السموات أو أسفله كمقعر الأرض. وقرئ بكسر الكاف من وكن الطائر إذا استقر في وكنته. يَأْتِ بِهَا اللَّهُ يحضرها فيحاسب عليها. إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ يصل علمه إلى كل خفي. خَبِيرٌ عالم بكنهه.
[[سورة لقمان (٣١) : آية ١٧]]
يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)
يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ تكميلاً لنفسك. وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ تكِميلاً لغيرك. وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصابَكَ من الشدائد سيما في ذلك. إِنَّ ذلِكَ إشارة إلى الصبر أو إلى كل ما أمر به. مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب مصدر أطلق للمفعول، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل من قوله فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ أي جد.
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ١٨ الى ١٩]
وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)
وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ لا تمله عنهم ولا تولهم صفحة وجهك كما يفعله المتكبرون من الصعر وهو داء يعتري البعير فيلوي عنقه. وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي ولا تصاعر، وقرئ «وَلاَ تُصَعّرْ» والكل واحد مثل علاه وأعلاه وعالاه. وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي فرحاً مصدر وقع موقع الحال أي تمرح مرحاً أو لأجل المرح وهو البطر. إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ علة للنهي وتأخير ال فَخُورٍ وهو مقابل للمصعر خده والمختال للماشي مرحاً لتوافق رؤوس الآي.
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ توسط فيه بين الدبيب والإسراع.
وعنه عليه الصلاة والسلام: «سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن»
، وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما كان إذا مشى أسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت، وقرئ بقطع الهمزة من أقصد الرامي إذا سدد سهمه نحو الرمية. وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ وانقص منه واقصر. إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أوحشها. لَصَوْتُ الْحَمِيرِ والحمار مثل في الذم سيما نهاقه ولذلك يكنى عنه فيقال طويل الأذنين، وفي تمثيل الصوت المرتفع بصوته ثم إخراجه مخرج الإِستعارة مبالغة شديدة وتوحيد الصوت لأن المراد تفضيل الجنس في النكير دون الآحاد أو لأنه مصدر في الأصل.
[[سورة لقمان (٣١) : آية ٢٠]]
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠)
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ بأن جعله أسباباً محصلة لمنافعكم. وَما فِي الْأَرْضِ بأن مكنكم من الإِنتفاع به بوسط أو غير وسط وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً محسوسة ومعقولة ما تعرفونه وما لا تعرفونه وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة، وقرئ «وأصبغ» بالإبدال وهو جار في كل سين اجتمع من الغين أو الخاء أو القاف كصلخ وصقر، وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص نِعَمَهُ بالجمع والإِضافة.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ في توحيده وصفاته. بِغَيْرِ عِلْمٍ مستفاد من دليل. وَلا هُدىً راجع إلى رسول. وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ أنزله الله بل بالتقليد كما قال:
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢)