للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْمانُهُمْ

من توسيع الأمر فيها أنه كيف ينبغي أن يفرض عليهم، والجملة اعتراض بين قوله: لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ومتعلقه وهو خالِصَةً للدلالة على أن الفرق بينه وبين الْمُؤْمِنِينَ في نحو ذلك لا لمجرد قصد التوسيع عليه، بل لمعان تقتضي التوسيع عليه والتضييق عليهم تارة وبالعكس أخرى. وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما يعسر التحرز عنه. رَحِيماً بالتوسعة في مظان الحرج.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥١]]

تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١)

تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ تؤخرها وتترك مضاجعتها. وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وتضم إليك من تشاء وتضاجعها، أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء. وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص تُرْجِي بالياء والمعنى واحد. وَمَنِ ابْتَغَيْتَ طلبت. مِمَّنْ عَزَلْتَ طلقت بالرجعة. فَلا جُناحَ عَلَيْكَ في شيء من ذلك.

ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ذلك التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعاً، لأن حكم كلهن فيه سواء، ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلاً منك وإن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله تعالى فتطمئن به نفوسهن، وقرئ «تَقَرَّ» بضم التاء و «أَعْيُنُهُنَّ» بالنصب و «تَقَرَّ» بالبناء للمفعول و «كُلُّهُنَّ» تأكيد نون يَرْضَيْنَ، وقرئ بالنصب تأكيداً لهن. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ فاجتهدوا في إحسانه. وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بذات الصدور. حَلِيماً لا يعاجل بالعقوبة فهو حقيق بأن يتقى.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٢]]

لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢)

لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ بالياء لأن تأنيث الجمع غير حقيقي، وقرأ البصريان بالتاء. مِنْ بَعْدُ من بعد التسع وهو في حقه كالأربع في حقنا، أو من بعد اليوم حتى لو ماتت واحدة لم يحل له نكاح أخرى. وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ فتطلق واحدة وتنكح مكانها أخرى ومِنْ مزيدة لتأكيد الاستغراق. وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ حسن الأزواج المستبدلة، وهو حال من فاعل تَبَدَّلَ دون مفعوله وهو مِنْ أَزْواجٍ لتوغله في التنكير، وتقديره مفروضاً إعجابك بهن واختلف في أن الآية محكمة أو منسوخة بقوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ على المعنى الثاني فإنه وإن تقدمها قراءة فهو مسبوق بها نزولاً. وقيل المعنى لا يحل لك النساء من بعد الأجناس الأربعة اللاتي نص على إحلالهن لك ولا أن تبدل بهن أزواجاً من أجناس أخر.

إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ استثناء من النساء لأنه يتناول الأزواج والإِماء، وقيل منقطع. وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً فتحفظوا أمركم ولا تتخطوا ما حد لكم.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٣]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (٥٣)

.

<<  <  ج: ص:  >  >>