للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحفظه لا بتبني فرعون وعطفه. وقرئ «مؤسى» إجراء للضمة في جوار الواو مجرى ضمتها في استدعاء همزها همز واو وجوه وهو علة الربط، وجواب لَوْلا محذوف دل عليه ما قبله.

وَقالَتْ لِأُخْتِهِ مريم. قُصِّيهِ اتبعي أثره وتتبعي خبره. فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ عن بعد وقرئ «عن جانب» «وعن جنب» وهو بمعناه. وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ أنها تقص أو أنها أخته.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٢ الى ١٣]

وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (١٣)

وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ ومنعناه أن يرتضع من المرضعات، جمع مرضع أو مرضع وهو الرضاع، أو موضعه يعني الثدي. مِنْ قَبْلُ من قبل قصها أثره. فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ لأجلكم. وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ لا يقصرون في إرضاعه وتربيته،

روي أن هامان لما سمعه قال: إنها لتعرفه وأهله فخذوها حتى تخبر بحاله، فقالت: إنما أردت وهم للملك ناصحون، فأمرها فرعون أن تأتي بمن يكفله فأتت بأمها وموسى على يد فرعون يبكي وهو يعلله، فلما وجد ريحها استأنس والتقم ثديها فقال لها: من أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك؟ فقالت: إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أوتى بصبي إلا قبلني فدفعه إليها وأجرى عليها، فرجعت به إلى بيتها من يومها

، وهو قوله تعالى:

فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها بولدها. وَلا تَحْزَنَ بفراقه. وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ علم مشاهدة.

وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ أن وعده حق فيرتابون فيه، أو أن الغرض الأصلي من الرد علمها بذلك وما سواه تبع، وفيه تعريض بما فرط منها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٤ الى ١٥]

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥)

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ مبلغه الذي لا يزيد عليه نشؤه وذلك من ثلاثين إلى أربعين سنة فإن العقل يكمل حينئذ.

وروي أنه لم يبعث نبي إلا على رأس الأربعين سنة.

وَاسْتَوى قده أو عقله. آتَيْناهُ حُكْماً أي نبوة. وَعِلْماً بالدين، أو علم الحكماء والعلماء وسمتهم قبل استنبائه، فلا يقول ولا يفعل ما يستجهل فيه، وهو أوفق لنظم القصة لأن الاستنباء بعد الهجرة في المراجعة. وَكَذلِكَ ومثل ذلك الذي فعلنا بموسى وأمه. نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ على إحسانهم.

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ودخل مصر آتياً من قصر فرعون وقيل منف أو حائين، أو عين شمس من نواحيها.

عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها في وقت لا يعتاد دخولها ولا يتوقعونه فيه، قيل كان وقت القيلولة وقيل بين العشاءين. فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ أحدهما ممن شايعه على دينه وهم بنو إسرائيل والآخر من مخالفيه وهم القبط، والإِشارة على الحكاية. فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي هو مِنْ عَدُوِّهِ فسأله أن يغيثه بالإِعانة ولذلك عدى ب عَلى وقرئ «استعانه» . فَوَكَزَهُ مُوسى فضرب القبطي بجمع كفه، وقرئ فلكزه أي فضرب به صدره. فَقَضى عَلَيْهِ فقتله وأصله فأنهى حياته من قوله وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ. قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ لأنه لم يؤمر بقتل الكفار أو لأنه كان مأموناً فيهم فلم يكن له اغتيالهم، ولا يقدح ذلك في عصمته لكونه خطأ، وإنما عده من عمل الشيطان وسماه ظلماً

<<  <  ج: ص:  >  >>