بيحرمونه أو بما دل عليه مجموع الفعلين فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ بمواطأة العدة وحدها من غير مراعاة الوقت.
زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وقرئ على البناء للفاعل وهو الله تعالى، والمعنى خذلهم وأضلهم حتى حسبوا قبيح أعمالهم حسناً. وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ هداية موصلة إلى الاهتداء.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ تباطأتم، وقرئ «تثاقلتم» على الأصل واثَّاقَلْتُمْ على الاستفهام للتوبيخ. إِلَى الْأَرْضِ متعلق به كأنه ضمن معنى الإِخلاد والميل فعدى بإلى، وكان ذلك في غزوة تبوك أمروا بها بعد رجوعهم من الطائف في وقت عسرة وقيظ مع بعد الشقة وكثرة العدو فشق عليهم. أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا وغرورها. مِنَ الْآخِرَةِ بدل الآخرة ونعيمها. فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فما التمتع بها. فِي الْآخِرَةِ في جنب الآخرة. إِلَّا قَلِيلٌ مستحقر.
إِلَّا تَنْفِرُوا إن لا تنفروا إلى ما استنفرتم إليه. يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً بالإهلاك بسبب فظيع كقحط وظهور عدو. وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ويستبدل بكم آخرين مطيعين كأهل اليمن وأبناء فارس. وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً إذ لا يقدح تثاقلكم في نصر دينه شيئاً فإنه الغني عن كل شيء وفي كل أمر. وقيل الضمير للرسول صلّى الله عليه وسلّم أي ولا تضروه فإن الله سبحانه وتعالى وعد له بالعصمة والنصر ووعده حق. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على التبديل وتغيير الأسباب والنصرة بلا مددكما قال.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٤٠]]
إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠)
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ أي إن لم تنصره فسينصره الله كما نصره. إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ ولم يكن معه إلا رجل واحد، فحذف الجزاء وأقيم ما هو كالدليل عليه مقامه، أو إن لم تنصروه فقد أوجب الله له النصر حتى نصره في مثل ذلك الوقت فلن يخذله في غيره، وإسناد الإِخراج إلى الكفرة لأن همهم بإخراجه أو قتله تسبب لإذن الله له بالخروج. وقرئ «ثَانِيَ اثنين» بالسكون على لغة من يجري المنقوص مجرى المقصور في الإعراب ونصبه على الحال. إِذْ هُما فِي الْغارِ بدل من إذ أخرجه بدل البعض إذ المراد به زمان متسع، والغار نقب في أعلى ثور وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة مكثا فيه ثلاثاً. إِذْ يَقُولُ بدل ثان أو ظرف لثاني. لِصاحِبِهِ وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا بالعصمة والمعونة.
روي (أن المشركين طلعوا فوق الغار فأشفق أبو بكر رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» ، فأعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه) .
وقيل لما دخلا الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله والعنكبوت فنسجت عليه. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ أمنته التي تسكن عندها القلوب. عَلَيْهِ على النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو على صاحبه وهو الأظهر لأنه كان منزعجاً. وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها يعني الملائكة أنزلهم ليحرسوه في الغار أو ليعينوه على العدو يوم بدر والأحزاب وحنين، فتكون الجملة معطوفة على قوله نَصَرَهُ اللَّهُ. وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى يعني الشرك أو دعوة الكفر. وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا يعني التوحيد أو دعوة الإِسلام، والمعنى وجعل ذلك بتخليص