بطلان ما هم عليه حين لا يكفون، وإنما وضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على ما أوجب لهم ذلك.
بَلْ تَأْتِيهِمْ العدة أو النار أو الساعة. بَغْتَةً فجأة مصدر أو حال. وقرئ بفتح الغين. فَتَبْهَتُهُمْ فتغلبهم أو تحيرهم. وقرئ الفعلان بالياء والضمير ل الْوَعْدُ أو ال حِينَ وكذا في قوله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها لأن الوعد بمعنى النار أو العدة والحين بمعنى الساعة، ويجوز أن يكون ل النَّارَ أو لل بَغْتَةً.
وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يمهلون وفيه تذكير بإمهالهم في الدنيا.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢)
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وعد له بأن ما يفعلونه به يحيق بهم كما حاق بالمستهزئين بالأنبياء ما فعلوا يعني جزاءه.
قُلْ يا محمد للمستهزئين. مَنْ يَكْلَؤُكُمْ يحفظكم. بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ من بأسه إن أراد بكم، وفي لفظ الرَّحْمنِ تنبيه على أن لا كالئ غير رحمته العامة وأن اندفاعه بمهلته بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرونه ببالهم فضلاً أن يخافوا بأسه حتى إذا كلؤا منه عرفوا الكالئ. وصلحوا للسؤال عنه.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤)
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا بل ألهم آلهة تمنعهم من العذاب تتجاوز منعنا، أو من عذاب يكون من عندنا والإِضرابان عن الأمر بالسؤال على الترتيب، فإنه عن المعرض الغافل عن الشيء بعيد وعن المعتقد لنقيضه أبعد. لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ استئناف بإبطال ما اعتقدوه فإن من لا يقدر على نصر نفسه ولا يصحبه نصر من الله فكيف ينصر غيره.
بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ إضراب عما توهموا ببيان ما هو الداعي إلى حفظهم وهو الاستدراج والتمتيع بما قدر لهم من الأعمار، أو عن الدلالة على بطلانه ببيان ما أوهمهم ذلك، وهو أنه تعالى متعهم بالحياة الدنيا وأمهلهم حتى طالت أعمارهم فحسبوا أن لا يزالوا كذلك وأنه بسبب ما هم عليه ولذلك عقبه بما يدل على أنه أمل كاذب فقال: أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ أرض الكفرة. نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بتسليط المسلمين عليها، وهو تصوير لما يجريه الله تعالى على أيدي المسلمين. أَفَهُمُ الْغالِبُونَ رسول الله والمؤمنين.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦)
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ بما أوحي إلي. وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ وقرأ ابن عامر ولا تسمع الصم على خطاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقرئ بالياء على أن فيه ضميره، وإنما سماهم الصُّمُّ ووضعه موضع ضميرهم للدلالة على تصامهم وعدم انتفاعهم بما يسمعون. إِذا مَا يُنْذَرُونَ منصوب ب يَسْمَعُ أو ب الدُّعاءَ والتقييد به لأن الكلام في الإِنذار أو للمبالغة في تصامهم وتجاسرهم.