للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لأنفسهم فيما يملكونه. أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ بدل من أَرَأَيْتُمْ بدل الاشتمال لأنه بمعنى أخبروني كأنه قال: أخبروني عن هؤلاء الشركاء أروني أي جزء من الأرض استبدوا بخلقه. أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أم لهم شركة مع الله في خلق السموات فاستحقوا بذلك شركة في الألوهية ذاتية. أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً ينطق على أنا اتخذناهم شركاء. فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ على حجة من ذلك الكتاب بأن لهم شركة جعلية، ويجوز أن يكون هم للمشركين كقوله: أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب وأبو بكر والكسائي على بينات فيكون إيماء إلى أن الشرك خطير لا بد فيه من تعاضد الدلائل. بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً لما نفى أنواع الحجج في ذلك أضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو تغرير الأسلاف الأخلاف، أو الرؤساء الأتباع بأنهم شفعاء عند الله يشفعون لهم بالتقرب إليه.

[[سورة فاطر (٣٥) : آية ٤١]]

إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١)

إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا كراهة أن تزولا فإن الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ، أو يمنعهما أن تزولا لأن الإِمساك منع. وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ ما أمسكهما. مِنْ بَعْدِهِ من بعد الله أو من بعد الزوال، والجملة سادة مسد الجوابين ومن الأولى زائدة والثانية للابتداء. إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدا هداً كما قال: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ.

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (٤٣)

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ. وذلك أن قريشاً لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا: لعن الله اليهود والنصارى لو أتانا رسول لنكونن أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، أي من واحدة من الأمم اليهود والنصارى وغيرهم، أو من الأمة التي يقال فيها هي إِحْدَى الْأُمَمِ تفضيلاً لها على غيرها في الهدى والاستقامة. فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ يعني محمداً عليه الصلاة والسلام. مَّا زادَهُمْ أي النذير أو مجيئه على التسبب. إِلَّا نُفُوراً تباعداً عن الحق.

اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ بدل من نفوراً أو مفعول له. وَمَكْرَ السَّيِّئِ أصله وإن مكروا المكر السيئ فحذف الموصوف استغناء بوصفه، ثم بدل أن مع الفعل بالمصدر، ثم أضيف. وقرأ حمزة وحده بسكون الهمزة في الوصل. وَلا يَحِيقُ ولا يحيط. الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وهو الماكر وقد حاق بهم يوم بدر، وقرئ «وَلاَ يَحِيقُ المكر» أي ولا يحيق الله. فَهَلْ يَنْظُرُونَ ينتظرون. إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ سنة الله فيهم بتعذيب مكذبيهم. فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا إذ لا يبدلها بجعله غير التعذيب تعذيباً ولا يحولها بأن ينقله من المكذبين إلى غيرهم، وقوله:

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>