وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ كرره مرتباً على إمداد الله تعالى إياهم بما يعرفونه من أنواع النعم تعليلاً وتنبيهاً على الوعد عليه بدوام الإِمداد والوعيد على تركه بالإِنقطاع، ثم فصل بعض تلك النعم كما فصل بعض مساويهم المدلول عليها إجمالاً بالإِنكار في أَلا تَتَّقُونَ مبالغة في الإِيقاظ والحث على التقوى فقال.
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ثم أوعدهم فقال.
إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ في الدنيا والآخرة، فإنه كما قدر على الإِنعام قدر على الإِنتقام.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٣٦ الى ١٣٩]
قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)
قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ فإنا لا نرعوي عما نحن عليه، وتغيير شق النفي عما تقتضيه المقابلة للمبالغة في قلة اعتدادهم بوعظه.
إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأوليين، أو ما خلقنا هذا إلا خلقهم نحيا ونموت مثلهم ولا بعث ولا حساب، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة خُلُقُ الْأَوَّلِينَ بضمتين أي ما هذا الذي جئت به إلا عادة الأولين كانوا يلفقون مثله، أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم ونحن بهم مقتدون، أو ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت إلا عادة قديمة لم تزل الناس عليها.
وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ على ما نحن عليه.
فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ بسبب التكذيب بريح صرصر. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٤٠ الى ١٤٨]
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤)
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ.
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ إنكار لأن يتركوا كذلك أو تذكير للنعمة في تخلية الله إياهم وأسباب تنعمهم آمنين ثم فسره بقوله:
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ لطيف لين للطف التمر، أو لأن النخل أنثى وطلع إناث النخل ألطف وهو ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو، أو متدل منكسر من كثرة الحمل، وإفراد ال نَخْلٍ لفضله على سائر أشجار الجنات أو لأن المراد بها غيرها من الأشجار.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٤٩ الى ١٥٢]
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢)
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ بطرين أو حاذقين من الفراهة وهي النشاط، فإن الحاذق يعمل