[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]
فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩)
فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ فكيف يعملون ويحتالون حينئذ، وقرئ «توفاهم» وهو يحتمل الماضي والمضارع المحذوف إحدى تاءيه. يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ تصوير لتوفيهم بما يخافون منه ويجبنون عن القتال له.
ذلِكَ إشارة إلى التوفي الموصوف. بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ من الكفر ككتمان نعت الرسول عليه الصلاة والسلام وعصيان الأمر. وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ ما يرضاه من الإِيمان والجهاد وغيرهما من الطاعات.
فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ لذلك.
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أن لن يبرز الله لرسوله صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين.
أَضْغانَهُمْ أحقادهم.
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١)
وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم. فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ بعلاماتهم التي نسمهم بها، واللام لام الجواب كررت في المعطوف. وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ جواب قسم محذوف ولَحْنِ الْقَوْلِ أسلوبه، أو إمالته إلى جهة تعريض وتورية، ومنه قيل للمخطئ لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب. وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ فيجازيكم على حسب قصدكم إذ الأعمال بالنيات.
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بالأمر بالجهاد وسائر التكاليف الشاقة. حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ على مشاقه. وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ما يخبر به عن أعمالكم فيظهر حسنها وقبحها، أو أخبارهم عن إيمانهم وموالاتهم المؤمنين في صدقها وكذبها. وقرأ أبو بكر الأفعال الثلاثة بالياء لتوافق ما قبلها، وعن يعقوب وَنَبْلُوَا بسكون الواو على تقدير ونحن نبلو.
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (٣٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٣)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى هم قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر. لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً بكفرهم وصدهم، أو لن يضروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمشاقته وحذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته. وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ ثواب حسنات أعمالهم بذلك، أو مكايدهم التي نصبوها في مشاقته فلا يصلون بها إلى مقاصدهم ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ بما أبطل به هؤلاء كالكفر والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى ونحوها، وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر.
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٣٤ الى ٣٥]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤) فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥)