[[سورة التوبة (٩) : آية ٨٣]]
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣)
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فإن ردك إلى المدينة وفيها طائفة من المتخلفين يعني منافقيهم فإن كلهم لم يكونوا منافقين، أو من بقي منهم وكان المتخلفون اثني عشر رجلاً. فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ إلى غزوة أخرى بعد تبوك فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إخبار في معنى النهي للمبالغة. إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ تعليل له وكان إسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلفهم وأَوَّلَ مَرَّةٍ هي الخرجة إلى غزوة تبوك. فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ أي المتخلفين لعدم لياقتهم للجهاد كالنساء والصبيان.
وقرئ مع «الخلفين» على قصر الْخالِفِينَ.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٨٤ الى ٨٥]
وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥)
وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً
روي: (أن عبد الله بن أبي دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه، فلما دخل عليه سأله أن يستغفر له ويكفنه في شعاره الذي يلي جسده ويصلي عليه فلما مات أرسل قميصه ليكفن فيه وذهب ليصلي عليه) فنزلت. وقيل صلى عليه ثم نزلت
، وإنما لم ينه عن التكفين في قميصه ونهى عن الصلاة عليه لأن الضن بالقميص كان مخلاً بالكرم ولأنه كان مكافأة لإلباسه العباس قميصه حين أسر ببدر، والمراد من الصلاة الدعاء للميت والاستغفار له وهو ممنوع في حق الكافر ولذلك رتب النهي على قوله:
ماتَ أَبَداً يعني الموت على الكفر فإن إحياء الكافر للتعذيب دون التمتع فكأنه لم يحيَ. وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ ولا تقف عند قبره للدفن أو الزيارة. إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ تعليل للنهي أو لتأبيد الموت.
وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ تكرير للتأكيد والأمر حقيق به فإن الأبصار طامحة إلى الأموال والأولاد والنفوس مغتبطة عليها. ويجوز أن تكون هذه في طريق غير الأول.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٨٦ الى ٨٧]
وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ (٨٦) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٨٧)
وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ من القرآن ويجوز أن يراد بها بعضها. أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ بأن آمنوا بالله ويجوز أن تكون أن المفسرة. وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ ذوو الفضل والسعة. وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ الذين قعدوا لعذر.
رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ مع النساء جمع خالفه وقد يقال الخالفة للذي لا خير فيه. وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ما في الجهاد وموافقة الرسول من السعادة وما في التخلف عنه من الشقاوة.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٨٨ الى ٨٩]
لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨٨) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩)