للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم. وَلِلْكافِرِينَ من وضع الظاهر موضع المضمر. أَمْثالُها أمثال تلك العاقبة أو العقوبة، أو الهلكة لأن التدمير يدل عليها، أو السنة لقوله تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ.

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ناصرهم على أعدائهم. وَأَنَّ الْكافِرِينَ لاَ مَوْلى لَهُمْ فيدفع العذاب عنهم وهو لا يخالف قوله: وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ فإن المولى فيه بمعنى المالك.

[سورة محمد (٤٧) : الآيات ١٢ الى ١٤]

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤)

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ ينتفعون بمتاع الدنيا. وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ حريصين غافلين عن العاقبة. وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ منزل ومقام.

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ على حذف المضاف وإجراء أحكامه على المضاف إليه، والإِخراج باعتبار التسبب. أَهْلَكْناهُمْ بأنواع العذاب. فَلا ناصِرَ لَهُمْ يدفع عنهم العذاب وهو كالحال المحكية.

أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ حجة من عنده وهو القرآن، أو ما يعمه والحجج العقلية كالنبي صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين. كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ كالشرك والمعاصي. وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ في ذلك لا شبهة لهم عليه فضلا عن حجة.

[[سورة محمد (٤٧) : آية ١٥]]

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥)

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أي فيما قصصنا عليك صفتها العجيبة. وقيل مبتدأ خبره: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ، وتقدير الكلام أمثل أهل الجنة كمثل من هو خالد، أو أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد فعري عن حرف الإِنكار وحذف ما حذف استغناء يجري مثله تصويراً لمكابرة من يسوي بين المتمسك بالبينة والتابع للهوى، بمكابرة من يسوي بين الجنة والنار، وهو على الأول خبر محذوف تقديره: أفمن هو خالد في هذه الجنة كمن هو خالد في النار، أو بدل من قوله: كَمَنْ زُيِّنَ وما بينهما اعتراض لبيان ما يمتاز به من على بينة في الآخرة تقريراً لإِنكار المساواة. فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ استئناف لشرح المثل أو حال من العائد المحذوف، أو خبر لمثل وآسِنٍ من أسن الماء بالفتح إذا تغير طعمه وريحه، أو بالكسر على معنى الحدوث. وقرأ ابن كثير «أسن» . وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ لم يصر قارصاً ولا حازراً. وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لذيذة لا يكون فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر وخمار تأنيث لذ أو مصدر نعت به بإضمار ذات، أو تجوز وقرئت بالرفع على صفة الأنهار والنصب على العلة. وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى لم يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها، وفي ذلك تمثيل لما يقوم مقام الأشربة في الجنة بأنواع ما يستلذ منها في الدنيا بالتجريد عما ينقصها وينغصها، والتوصيف بما يوجب غزارتها واستمرارها. وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ صنف على هذا القياس. وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ عطف على الصنف المحذوف، أو مبتدأ خبره محذوف أي لهم مغفرة. كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً مكان تلك الأشربة. فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>