للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله تعالى لا يغيب عنه شيء. وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ، يعني: من عذاب الساعة خائفون.

قوله عز وجل: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ، يعني: هذا القرآن ذِكْرٌ مُبارَكٌ يعني: فيه السعادة والمغفرة للذنوب والنجاة لمن آمن به. أَنْزَلْناهُ لكم أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ؟ يعني: أفأنتم للقرآن مكذبون جاحدون؟.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٥١ الى ٦٠]

وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥)

قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨) قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (٦٠)

قوله عز وجل: وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ، يعني: أكرمناه بالمغفرة من قبل النبوة. وقال مقاتل: من قبل موسى وهارون عليهما السلام، وقال مجاهد: من قبل بلوغه، وقال الكلبي: يقول ألهمناه رشدَه الخير، وهديناه قبل بلوغه. ويقال من قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن. وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ بأنه أهل للرشد، ويقال: للنبوة، ويقال: وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ. إِذْ قالَ، أي: حين قال لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ؟ يعني: التصاوير، يعني: الأصنام، الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ يعني: عابدين. ويقال: عليها مقيمين. وروى ميسرة النهدي أن علياً رضي الله عنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ.

فلما قال ذلك لهم ذلك إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ، يعني:

فنحن نعبدها. قالَ لهم إبراهيم عليه السلام لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، يعني: في خطإ بَيِّنٍ. قَالَ السدي: كان أبوه يصنع الأصنام، يبعث بها مع بنيه فيبيعونها، فبعث إبراهيم بصنم ليبيعه، فجعل ينادي من يشتري ما يضره ولا ينفعه، وكان إخوته يبيعون ولا يبيع هو شيئا، وقال: أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.

قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ يعني: أجدا تقول يا إبراهيم أَمْ أَنتَ مِنَ اللاعبين؟ قَالَ إبراهيم: بل أقول لكم حقاً وأدعوكم إلى عبادة الله تعالى. هو رَبُّكُمْ، يعني:

خالقكم ورازقكم. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، هو ربكم الَّذِي فَطَرَهُنَّ، يعني: هو الذي خلقهن. وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ بأن الَّذِي خلق السموات والأرض هو ربكم.

ثم قال عز وجل: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ، أي: قَالَ إبراهيم عليه السلام: والله لأكسرن أصنامكم. بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ، يعني: بعد أن تنطلقوا ذاهبين إلى عيدكم. وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>