يصلحه غيرهم، وهم أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمعنى في قوله وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ قال بعضهم: يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين الصلاة، يعني بالنبيين المقيمين الصلاة. وقال بعضهم: لكن الراسخون فى العلم منهم، ومن المقيمين الصلاة يؤمنون بما أنزل إليك.
ثم قال تعالى: وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعني الذين يعطون الزكاة المفروضة وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يعني المقرون بوحدانية الله تعالى وبالبعث بعد الموت. ثم قال: أُولئِكَ يعني أهل هذه الصفة سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً أي يعطيهم الله في الآخرة ثواباً عظيماً وهو الجنة. قرأ حمزة سيؤتيهم بالياء وقرأ الباقون بالنون.
إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يعني أرسلنا إليك جبريل كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ يعني كما أرسلنا إلى نوح، ويقال: أوحينا إليك بأن تثبت على التوحيد وتأمر الناس بالتوحيد، كما أوحينا إلى نوح بأن يثبت على التوحيد، ويدعو الناس إلى التوحيد وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ أي أوحينا إليهم بذلك وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وهما ابنا إبراهيم عليهم السلام وَيَعْقُوبَ وهو ابن إسحاق وَالْأَسْباطِ وهم أولاد يعقوب عليه السلام، كانوا اثني عشر سبطاً، أوحينا إلى أنبيائهم بأن يثبتوا على التوحيد، ويدعوا الناس إلى ذلك وَأوحينا إلى عِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً قرأ حمزة: زَبُوراً بضم الزاي. وقرأ الباقون بالنصب في جميع القرآن، ومعناهما واحد، وهو عبارة عن الكتاب. ثم قال: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ يعني قد سميناهم لك من قبل، يعني بمكة وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ يعني لم نسمهم لك، وقد أرسلناك كما أرسلنا هؤلاء. وروي عن كعب الأحبار أنه قال: كان الأنبياء ألفي ألف ومائتي ألف. وقال مقاتل: كان الأنبياء ألف ألف، وأربعمائة ألف، وأربعة وعشرين ألفاً. وروي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«بُعِثْتُ عَلَى أَثَرِ ثَمَانِيَةِ آلافٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ أَرَبَعَةُ آلافٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ»«١» . قال الفقيه أبو الليث: حدثنا
(١) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٣/ ١٦٢ بلفظ: «بُعِثْتُ عَلَى أَثَرِ ثَمَانِيَةِ آلاف نبي منهم أربعة آلاف نبيّ من بني إسرائيل» .